فور تصريح الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة في حوار مع بلومبيرغ في 22 أغسطس، بأن خفض الإنتاج ممكن في أي وقت إذا ما تطلب الأمر ذلك، لإعادة التوازن إلى أسواق النفط العالمية. وأوضح الأمير أن أسواق النفط تشهد اضطرابات وانخفاضا ملحوظا في السيولة وانفصام حاضرها عن مستقبلها بابتعادها عن عوامل العرض والطلب ونشر الأخبار الخاطئة التي أدت إلى تقلبات حادة في الأسعار ورفع معدل المخاطرة، رغم ما قامت به أوبك+ من إنجاز كبير في إعادة التوازن للأسواق منذ مايو 2020 وما زالت مستمرة في نهجها طبقا لمعطيات السوق، إن إدراك الأمير لمثل هذه الشائعات وتشويه ديناميكية السوق، قادته إلى إظهار قوة أوبك+ وقدرتها على توازن أسواق النفط كما كان سابقا بزيادة الإنتاج فإنها أيضا قادرة على توازنها في الأشهر المقبلة بخفض الإنتاج.

إن رسالة الأمير عبدالعزيز واضحة في وجه تحديات الطاقة الحالية من شح في المعروض ومحدودية الطاقة الفائضة وارتفاع الطلب العالمي على النفط وقرب موسم الشتاء الذي يرتفع فيه استهلاك الطاقة في ظل هذه الظروف والأزمة الجيوسياسية، بل إنه وجه تحذيرا للمضاربين المقامرين في السوق بقوله "سوف أتأكد من أن كل من يقامر في هذا السوق سوف يتألم مثل الجحيم"، وفقا لبلومبيرغ 23 أغسطس 2022. لذا جاءت ردة أسعار النفط إيجابية وخوفا من تلك الجحيم، حيث قفز سعر برنت بـ 3.5 % إلى 99.17 دولارا الثلاثاء الماضي عن يوم الاثنين، بينما ارتفع غرب تكساس بـ 3.7 % إلى 93.74 دولارا وواصل برنت ارتفاعه إلى 101 دولار في نهاية الأسبوع الماضي، بينما استقر غرب تكساس عند 93 دولار، علما أن سعر برنت قد وصل إلى أدنى مستوياته هذا العام عند92.43 دولارا في 16 أغسطس وغرب تكساس إلى 86.54 دولارا.

لقد حان الوقت لأوبك+ للانتقال من دورة رفع الإنتاج أو تثبيته إلى دورة تخفيض الإنتاج لإعادة التوازن إلى الأسواق العالمية بناءً على حركة عوامل السوق وارتباطها بالعقود الأجل في ظل ضعف الطاقة الفائضة والانضباط المستمر لمنتجي النفط الصخري ونهاية السحب من الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي (SPR) في أكتوبر والركود الاقتصادي المعتدل الذي سيكون تأثيره المحدود على نمو الطلب على النفط. كما أن الاتفاق الإيراني النووي على وشك التنفيذ والذي من المتوقع أن يضيف (1) مليون برميل يوميا إلى الصادرات الإيرانية في غضون أشهر باستخدام مخزوناته العائمة، حيث إن صادراته بلغت 1.131 مليون برميل يوميا في أغسطس ليصبح الإجمالي 2.131 مليون برميل يوميا (بترولوجيستيكس).

وبهذا نتطلع إلى استقرار أسواق النفط والقضاء على "الفصامية" بين السوق الفورية والآجلة، حيث تشير العقود الآجلة إلى تراجع أسعار النفط في نوفمبر، ديسمبر، يناير 2023 إلى 99.5، 98.6، 97.9 دولارا على التوالي، بينما في حالة الارتباط بين أساسيات السوق وأسعار العقود الآجلة ستكون الأسعار أعلى بكثير من الآن في نهاية هذا العام وبداية العام الجديد وفي نطاق 105-120 دولارا، كما نتطلع إلى صياغة الاتفاقية الجديدة لعام 2023 التي ستعمق استقرار الأسواق وتحد من تأثير المضاربين على الأسعار.