يمكن اختصار نتائج الجلسة الاستكشافية لانتخابات الرئاسة بالنتائج السياسية التي خرجت بها والتي لخصها رئيس البرلمان نبيه بري بالقول إنه من دون التوافق على اسم الرئيس العتيد بين الفرقاء الرئيسيين لا انتخاب لرئيس الجمهورية.

اللازمة التي ينطلق منها بري أن الجلسة أثبتت أن ليس هناك فريق من الفريقين الكبيرين يملك الأكثرية المطلقة لانتخاب الرئيس العتيد، وإذا امتلك تلك الأكثرية فإنه لا يملك أكثرية الثلثين من أجل ضمان نصاب انعقاد جلسة الانتخاب حتى يتمكن من إيصال مرشحه. وهذا كافٍ من أجل التخلي عن أي حسابات في تعداد الأصوات، حتى لو اعتبر البعض أن تعداد الـ63 ورقة بيضاء لتحالف «حزب الله» وحركة «أمل» و»التيار الوطني الحر» وسائر الحلفاء (وهم أساساً 61 نائبا)، يقترب من أكثرية الـ65 صوتاً أي الأكثرية المطلقة المطلوبة لفوز مرشح هذا الفريق في الدورة الثانية التي انتقلت العملية الانتخابية إليها بعد جلسة الأمس. فهذه الحسابات تعتبر أنه إذا تمكن التحالف المذكور من الاتفاق على مرشح واحد مثل سليمان فرنجية أو غيره، قد يؤمن أكثرية النصف زائداً واحداً. لكن القوى السيادية ترى أن الصوتين اللذين انضما إلى خيار الورقة البيضاء مردّ ذلك على الأرجح إلى رفضهما المرشح ميشال معوض، من دون أن يعني ذلك أنهما سيدعمان مرشحاً من قوى 8 آذار.

لا يتوقف نواب في كتلة بري أمام حسابات كهذه ويعتبرونها لزوم ما لا يلزم، لأن لا حل إلا بالتوافق. يفضي ذلك إلى أن تأخر التوافق وانقضاء مهلة الشهرين لانتخاب الرئيس، في 31 تشرين الأول المقبل، من دون التمكن من التوافق على أحد الأسماء، يعيد احتمال حصول الفراغ الرئاسي إلى الواجهة. هكذا تكون الدعوة التي وجهها بري إلى الجلسة نوعاً من الامتحان الذي فشل فيه الفرقاء في تقريب المسافات بينهم حول هوية الرئيس، ويكون بالتالي مقدمة للدخول في الفراغ مع بداية شهر تشرين الثاني إذا تعذر أي اتفاق. أي يكون بري أدى قسطه للعلى وبرأ ذمته من تهمة تأخير الانتخاب، لينتظر مع «الحزب» التوافق، بعدما استعرض كل فريق إمكاناته خلال الجلسة الاستكشافية.

ليس لدى أي من الفريقين اللبنانيين تصور لما بعد الجلسة. كل منهما سجل أرقاماً يمكنه البناء عليها للمرحلة المقبلة: الفريق السيادي التغييري يرى أن قواه الأساسية، نجحت في الاتفاق على مرشح واحد هو ميشال معوض، آملاً تطوير التفاهم مع التغييريين والنواب الذين صوتوا لـ»لبنان»، فيما نجح الفريق المقابل المتحلّق حول «حزب الله» في الاجتماع على الورقة البيضاء، متجنباً طرح إسم فرنجية.

إذا بقيت الأمور على هذه الحال فإن عقد الجلسة الثانية من أجل الاقتراع في الدورة الثانية قد يطول، ومرور الوقت سيشرع الفراغ، ويبقي البلد في مهب الريح. هذا فضلاً عن أن هناك من عاد ليردد بأن التوافق دونه صعوبات لأن «حزب الله» ليس في وارد التساهل طالما الوضع الإقليمي في غليان والضغوط على طهران تتصاعد في الداخل وفي العراق واليمن وغيرها وطالما أنها ترد بالتصعيد في العراق بقصف المناطق الكردية وفي اليمن بتشنج الحوثيين حيال الهدنة وتهريب السلاح إليهم... وطالما يواصل خصومه في لبنان هجومهم عليه، فيرد هو في الشارع بتظاهرات في الطيونة ونشر صور الحزب وأمينه العام في جبيل وغيرها.

على رغم أن دعوة بري إلى جلسة انتخاب الرئيس شغلت الوسط السياسي عن التجاذبات على تشكيل الحكومة، هل تعيد حسابات توقع الفراغ عند «حزب الله» الاهتمام بتفعيل خيار تشكيل الحكومة الذي تحول إلى أولوية لديه خلال الأسابيع الماضية وأحبطته شروط حليفه جبران باسيل التعجيزية؟