فضّل الرئيس المكلف تأليف الحكومة، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي النوم في فراشه ليل الإثنين بدلاً من أن ينام في القصر الرئاسي حتى يتم إنجاز الحكومة الجديدة، كما كان قد وعد قبل سفره إلى نيويورك. فعلى رغم اللقاء الثلاثي الذي جمعه مع رئيسي الجمهورية والبرلمان العماد ميشال عون ونبيه بري في القصر الرئاسي بعد ظهر الإثنين للاتفاق على الرد اللبناني الموحد على مسودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، غادر الرئيس المكلف بعبدا مرتاحاً إلى وحدة الموقف مبشراً بقرب حصول لبنان على حقوقه في البحر، من دون أن يتطرق إلى الشأن الحكومي، مع أن بعض التسريبات أشار إلى أن الرؤساء الثلاثة تناولوا هذا الملف مع ترويج نفحة جديدة من الإيجابية وتوقع حلحلة فيه. وأراد البعض، أو رغب، في أن تنسحب الأجواء الإيجابية المتعلقة بالاتفاق على الترسيم، على الوضع السياسي لعلها تقود إلى ولادة الحكومة.

باتت الوعود بقرب إنجاز الحكومة شبه يومية، وصار التبشير بمعالجة الخلافات التي تعترض قيامها، جزءاً شبه يومي من تصريحات وتسريبات البعض وخصوصاً قادة «حزب الله» من الأمين العام السيد حسن نصر الله، ونائبه الشيخ نعيم قاسم، ورئيس كتلته النيابية محمد رعد و... الشيخ نبيل قاووق وغيرهم، من باب التأكيد على تدارك أي نزاع دستوري على أحقية تولي حكومة تصريف الأعمال سلطات الرئاسة في حال لم يُنتخب رئيسٌ قبل 31 تشرين الأول، أو من زاوية الحاجة إلى إدارة الأزمة المعيشية التي تتفاقم كل يوم.

إذا لم تحصل معجزة كما سبق للرئيس بري أن قال قبل أكثر من شهر، فإن الجمود في عملية التأليف سيبقى مسيطراً على هذا الملف إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. هذا على رغم ما تردد عن جلسة صاخبة عُقدت بين قياديين من «حزب الله» وبين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل انتهت إلى إقناع الأخير بالعودة الى خيار تعويم الحكومة الحالية مع تبديلات في 4 وزارات...لكن ميقاتي فوجئ بعد عودته من نيويورك، بأن شروط الفريق الرئاسي شهدت ذروة جديدة في التصعيد. بلغ الأمر بباسيل أن نُقل عنه تبريره لأسباب إصراره على تبديل بعض الوزراء المحسوبين على العونيين أن المطلوب من الوزراء الذين يمثلون تياره أن يكونوا مناكفين لميقاتي ويقفون في وجهه، واصفاً إياه بأوصاف نابية.

بات السؤال عن مدى قدرة «حزب الله» على الضغط على حليفه باسيل وعمّا إذا كان يمارس نفوذه عليه أم لا. لسان حال قياديين في الحزب إزاء ذلك هو الرد بسؤال: ماذا يمكننا أن نفعل أكثر مما نقوم به عبر الإصرار على باسيل بوجوب وقف الشروط على التأليف لأن مصلحة البلد تتطلب إعطاء الأولوية لقيام حكومة؟

الحزب يعتبر أنه واقع في حالة من الحرج بين فريقين حليفين أو صديقين يحرص على علاقاته الجيدة بكل منهما: فريق بري – ميقاتي الذي يرفض التسليم بإعطاء أي مكاسب أو مطالب للفريق العوني الرئاسي وباسيل قبل 31 تشرين الأول حين تتغير المعادلة بمغادرة عون قصر بعبدا، وفريق عون – باسيل الذي يريد كل شيء لمرحلة ما بعد 31 تشرين الأول. والتوفيق بين هذين الفريقين صعب وربما مستحيل.

لسان حال الحزب يقول أيضاً إنه لا يضغط على حلفائه وأن هذا «ليس أسلوبنا»، قاصداً بذلك عون وباسيل، لأنه مطالب بدور في تغيير سلوك هذا الفريق بالمونة عليه، أكثر من تغيير موقف الفريق الأول. وسائل الحزب حسب المقربين منه لا تتعدى الكلام مع باسيل وعون من أجل تليين موقفهما بالإقناع، ولا سيما بالنسبة إلى الصهر. وهو حدد الموقف السياسي بوجوب تأليف الحكومة علناً وفي تصريحات واضحة أكثر من مرة، على لسان نصر الله، وقاسم ورعد وسائر النواب والكتلة النيابية، وعقد اجتماعات مباشرة بين أربعة جدران مع جبران لهذا الغرض فماذا يمكنه أن يفعل أكثر من ذلك؟ أما ممارسة الضغوط وتظهير الخلاف إلى العلن فمسألة غير مضمونة النتائج، وقد تؤدي إلى خسارة حليف من جهة، وإلى عدم الاستجابة لما يرمي إليه من جهة ثانية، فتفشل جهوده من دون تحقيق نتائج.