حقق شعب كمبوديا إنجازات بارزة على مدار العقدين الماضيين، وقد بدا هذا الأمر واضحا ولافتا بين الدول الآسيوية، وهي الأخرى تسير في نهج اقتصادي متقدم، ومن هنا نتوقع لكمبوديا تحقيق مزيد من الإنجازات في المستقبل بحكم وتيرة النمو التي تحققها. لقد نقلتكم بلادكم من أكثر اللحظات المظلمة في تاريخها إلى أن أصبحت الآن واحدة من أسرع اقتصادات العالم نموا، وتمكنت البلاد من الحد من الفقر بصورة هائلة، وتحسين مستويات المعيشة بينما تطمحون إلى الانضمام إلى صفوف دول الشريحة العليا في فئة الدخل المتوسط بنهاية العقد الحالي.

وهنا أود أن أتطرق إلى ثلاث نقاط، الآفاق الاقتصادية العالمية، ووضع دول رابطة "آسيان" في هذه الآفاق، وأولويات السياسات.
أولا، الآفاق العالمية. خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ـ وهي فترة قصيرة نسبيا ـ أصابتنا صدمة فوق صدمة فوق صدمة، جائحة عالمية، وحرب في أوروبا، وأزمة تكلفة المعيشة. فأفضت إلى صورة شديدة القتامة للاقتصاد العالمي ـ لهذا العام، وللعام التالي بصفة خاصة.
إن التأثير المزدوج للانقطاعات في سلاسل الإمداد جراء الجائحة، والارتفاع السريع للغاية في أسعار الطاقة والغذاء، قد أسفرا عن ارتفاع مزمن في التضخم، ما أدى إلى ضيق الأوضاع المالية وأسفر عن تباطؤ مفاجئ في النمو العالمي من 6 في المائة في 2021 إلى 3،2 في المائة في 2022. ونتوقع بلوغه 2،7 في المائة في 2023، لكن مع احتمالية نسبتها 25 في المائة بأن النمو قد ينخفض بالفعل إلى أقل من 2 في المائة.
وبينما ننظر إلى هذه الصورة القاتمة، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الاتجاه العام نحو زيادة التشرذم ـ في وقت نحتاج فيه إلى بعضنا بعضا أكثر من ذي قبل. ويساورني قلق بالغ من أننا ربما نسير لا شعوريا نحو عالم سيكون أفقر وأقل أمانا نتيجة لذلك.
ويقودني هذا إلى نقطتي الثانية وهي نقطة أكثر إيجابية في هذه القصة، إنها نقطة مضيئة نسبيا في آفاق مظلمة. فمن المتوقع لرابطة آسيان أن تنمو 5 في المائة هذا العام و4،7 في المائة العام المقبل، أي أعلى بكثير من المتوسط العالمي.
ويرجع هذا إلى التقدم المطرد على صعيد الإصلاحات والتكامل الرائع بين اقتصاداتها. ولهذا السبب يحدوني أمل كبير على أن يكون لرابطة "آسيان" دور رئيس في المساعدة على منع التشرذم، ودور فعلي في تشجيع العالم على أن يبقى على المسار الصحيح من أجل المحافظة على النمو الاقتصادي والازدهار الاجتماعي... يتبع.