حيتان المناخ

هناك كثير من المخلوقات على هذا الكوكب. نتساءل كثيرا عن فائدتها ودورها في الحياة وسبب وجودها، وأكثر هذه المخلوقات تلك الموجودة في البحار والمحيطات، فتعدد أنواع الأسماك وأشكالها وألوانها وأحجامها يثير ذلك التساؤل الذي يرافقنا من مراحل الطفولة حتى نشيخ!
ومن تلك المخلوقات الحيتان بأحجامها الضخمة التي قد تصل إلى 150 طنا، وطول أعمارها الذي قد يصل إلى أكثر من 100 عام ورحلاتها الطويلة بين البحار والمحيطات، ولعل العلماء في جامعة آلاسكا كان يدور في عقولهم التساؤل نفسه، فقد وجدوا أن الحيتان أكبر الحيوانات على وجه الأرض تلعب دورا فاعلا في إبطاء التغير الحراري وتحسين المناخ، وكشفوا في ورقتهم البحثية عن الكيفية التي تستطيع بها هذه الكائنات البحرية العملاقة التأثير في كمية الكربون في الهواء والمياه، التي من المحتمل أن تسهم في تقليل إجمالي ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي.
وكغيرها من الكائنات الحية، فإن الكتلة الحيوية الضخمة للحيتان تتكون بشكل كبير من الكربون، ولذا فإنها تعد من أكبر مستودعات الكربون السابحة في بطن المحيط. ويشار إلى أن هذا النظام البحري يعد مسؤولا عن تخزين 22 في المائة من إجمالي ثاني أكسيد الكربون على الأرض.
حجم الحيتان العملاق وطول أعمارها يسمحان بأن يكون لها تأثيرات قوية في دورة الكربون، خلافا للحيوانات الصغيرة التي تخزنه بطريقة أقل فاعلية، كما أنها تتناول كميات كبيرة من الفرائس، حيث تستهلك 4 في المائة من وزن أجسامها الضخمة من الكريل والعوالق النباتية، وتنتج كميات كبيرة من الفضلات التي تعزز من دورها كمستودع لثاني أكسيد الكربون، حيث تعزله بعيدا فتخفف من تأثيره في الجو.
كما أن هجراتها التي تعد من أطول الهجرات على سطح هذا الكوكب تؤثر في الآلية التي تعمل بها المغذيات ودورة الكربون في المحيطات، فبعد أن تتناول الحيتان طعامها تنتج فضلات ـ أعزكم الله - غنية بالعناصر الغذائية المهمة التي تساعد الكريل والعوالق النباتية على النمو والازدهار، ومن ثم زيادة عمليات التمثيل الضوئي وتخزين الكربون من الغلاف الجوي.
وعندما تموت الحيتان بعد عمرها المديد، فإن أجسادها تبلى ومن ثم ينتقل الكربون الذي تحتوي عليه إلى أعماق المحيطات ويتحلل. كجزء من دورة مضخة الكربون البيولوجية، حيث يتم تبادل المغذيات والمواد الكيميائية بين المحيط والغلاف الجوي من خلال مسارات بيولوجية وجيولوجية وكيميائية معقدة. ويأتي الإنسان بصيده الجائر الذي قد يكسر سلسلة هذه الدورة بعنجهيته!