عندما تفرح الأرض بالغيث فهي تحكي قصة الحياة وتذكرنا بالأمل وتدعونا إلى الفرح والاستمتاع بهذه النعمة العظيمة التي طال انتظارنا لها. جاء الغيث ليذكرنا جميعا بأنه صاحب القرار، وأن مساره لا يتغير مهما حاولنا أن نعارضه أو نثنيه عن طريقه، فسالت الأودية واخضرت الأرض واعدة بمزيد جمال في المقبل من الأيام.

نحن في هذه الأعوام الجديدة وبمحاولاتنا تغيير كثير من الأمور التي هي من ضمن حقائق الكون، نصدم كل يوم بما يفرضه علينا الواقع وحقائق الدهر. هذا لا يعني أن نبتعد عن العلم والتعلم والإبداع، وإنما دعوة إلى التأمل والتعايش مع الواقع والإيمان بعظمة الخالق وعلمه الذي لا يصل إليه مخلوق.

لنا في كثير من التجاوزات العبر، فهناك من تجاوز في التفريق بين الذكر والأنثى وحاول أن يلغي سنة الله التي تقول، "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى"، ليحاول إقناع الناس ونفسه بغير ذلك، فتهاوت نظريته أمام أبسط حقائق الحياة وعمارة الأرض التي طالبنا بها المولى جلت قدرته. هناك من أراد أن يمنح الإنسان حقوقا لا يمكن أن تكون له كمخلوق، فمنهم من ظن أنه يمكن أن يغير خلقه ويتحول إلى مخلوق آخر، وهؤلاء ينتشرون حيث تنحسر العلاقة بين الخالق وربه، ليظهروا صورا من الغباء المطبق، آخرون ظنوا أنهم قادرون على أن يعيشوا دون أن يصطادهم ملك الموت، ليكتشفوا أن سنة الله ماضية على الكل وليس منها مهرب.

بهذا نكون جميعا مسؤولين أمام الله والناس عما نؤمن به ونحاول تعليمه للناس. من تحدى السيول وظن أنه قادر عليها اكتشف بطريقة مأساوية خطأ نظريته، بل عرض نفسه والآخرين إلى التهلكة. هنا أتوقف وأقول، إن ازدهار الأرض وما بثه الله فيها من الروح مدعاة لنا جميعا للاستمتاع والتفكر في خلق الله. الاستمتاع المنضبط والمراعي للواقع، خصوصا أن هذه الفترة تمر ومع غيثها درجات حرارة منخفضة تسجل الأدنى خلال العام الحالي، ولنا أن نحمد الله على أن هذه النعمة جاءتنا، ولم تكن كما حدث في كثير من دول العالم حيث توقفت الحياة في دول أخرى وعلق الناس وكثرت الوفيات، رغم كل التدابير التي حاول بها مسؤولو تلك الدول أن يعينوا جموع المواطنين هناك.