لكل شيء، ولكل فكرة، تاريخ. قد نألف الأشياء لتصبح عادية في أعيننا، فلا نأبه بتاريخها، لكن الأمر يستوقفنا عند حدوث تغيير في ما ألفناه. ساعتها نجد أنفسنا محمولين على البحث لا في أسباب التغيير أو الاختفاء، وإنما أيضاً التفتيش عن أصل الشيء وما يرتبط بذلك من تاريخ.

هاكم أحد الأمثلة، فقد ألفنا خلال عقود منظر السجادة الحمراء التي يسير عليها نجوم السينما في حفل الأوسكار. ولكن حسب وكالات الأنباء، فإن هذه السجادة ولأول مرة منذ 62 عاماً، ستختفي. وجب الاستدراك بالقول إن السجادة نفسها لن تختفي، ولكن لونها هو الذي سيتغير.

والسجادة الحمراء لا تفرش فقط في حفل جوائز الأوسكار، فنحن نراها في استقبال رؤساء الدول وملوكها، خاصة في مراسم استقبالهم عند زيارتهم لبلد آخر. وفي مقال شائق عن تاريخ هذه السجادة كتبته آية طنطاوي، ونشر قبل سنوات قليلة على موقع «الجزيرة»، تقول الكاتبة، إن البساط الأحمر ارتبط بفعل التشريف والترحيب منذ ما قبل ألفي عام، وتحديداً في 458 قبل الميلاد، «مع أن ظهوره جاء في إطار إبداعي في قلب أحداث مسرحية «مأساة أجاممنون».

واستشهدت الكاتبة بالأبيات التالية من المسرحية المذكورة: «فلتفرشوا على مدى الطريق/ بساطنا للعاهل العريق/ لتفرشوا البساط أرجوانا/ فمجده قد بهر الزمانا»، في استعراض شاعر التراجيديا اليونانية إسخيليوس مراسم استقبال كليتمنسترا لزوجها المحارب أجاممنون بعد معركته في حرب طروادة، على الرغم من أن الزوج رفض كل هذه الأبهة، قائلاً: «إن لهذا البساط هيبة لا تليق إلا بالآلهة ولا يجوز السير عليه إلا كالأرباب، البساط يمنح السائر عليه رهبة وأجاممنون يريد أن يحمل تاج المجد في خشوع».
خرجت السجادة الحمراء من النص المسرحي لتصبح أمراً واقعاً في الحياة، نراها في مراسم وطقوس تكريم المشاهير، فنانين كانوا أو ساسة وزعماء، وأصبحت جزءاً من طقوس حفل الأوسكار، تمت المحافظة عليه على الرغم من أن الكثير من الأمور تغيرت في هذه الطقوس على مدار سنوات.
بقيت السجادة الحمراء ثابتة، قبل أن نشاهد، قبل أيام، خارج مسرح «دولبي» في هوليوود، سجادة بلون جديد وصف بـ«الشمباني» الباهت، وقيل إن قرار تغيير اللون اتخذه مستشارا الابتكار ليزا لاف، وراؤول أفيلا.
يبرع المعنيون عادة في تقديم أسباب أي تغيير يدخلونه أو يقترحونه، حيث ذكر في معرض تبرير اختيار لون آخر للسجادة بدلاً من الأحمر: الرغبة في ألا تراق دماء.