اشتهرت الفنانة فايزة أحمد الملقبة بـ «كروان الشرق»، المولودة في صيدا عام 1930 لأب سوري وأم لبنانية، والمتوفاة في القاهرة عام 1983، بغناء عدد من الأغاني عن أفراد العائلة، فسميت بـ «مطربة الأسرة». من هذه الأغاني: أغنية عن الأخ (يا حبيبي يا خويا) لحن محمد عبد الوهاب وكلمات حسين السيد، وأخرى عن الأب (تعالالي يابا) لحن محمد الموجي وكلمات مرسي جميل عزيز، وثالثة عن الابن (إلهي يحرسك من العين وتكبر لي يا محمد) لحن محمد الموجي وكلمات علي الفقي، ورابعة عن الابنة (بنتي أمورة) لحن رياض السنباطي وكلمات عبد الرحمن الأبنودي، وخامسة عن البيت العائلي (بيت العز) لحن محمد الموجي وكلمات مرسي جميل عزيز. علاوة على ذلك أطربت العرب بمجموعة من الأغاني العاطفية المحفورة في الذاكرة مثل: «م الباب للشباك، ما تحبنيش بالشكل ده، أنا قلبي إليك ميال، بتسأل ليه علي، يمه القمر ع الباب، حسادك علموك، حمال الأسية، هان الود، تهجرني بحكاية، تمر حنة، وصوت السهارى».

على أن أغنيتها الأشهر والأوسع انتشاراً والتي لا تكف الإذاعات عن بثها، ولا يتوقف الناس عن ترديدها، ولاسيما في مناسبة عيد الأم، هي أغنية «ست الحبايب» المليئة بالدفء والصدق، والتي لها قصة جميلة، ولعبت الصدفة البحتة دوراً في ظهورها.

ففي ليلة عيد الأم سنة 1958، والذي يوافق الحادي والعشرين من شهر مارس من كل عام، كان الشاعر الغنائي حسين السيد يطرق باب والدته ليبارك لها بالمناسبة ويعبر لها عما يكنه من حب ومعزة واحترام، فإذا به يتذكر فجأة أنه جاء من دون هدية تليق بمقامها، فما كان منه إلا أن استل قلمه وأخرج ورقة من جيبه وبدأ يكتب بشكل تلقائي ودون مسودة نصاً غنائياً بعنوان «ست الحبايب» كي يهديها لأمه التي اعتاد أن يناديها بـ«ست الحبايب». لم يستغرق الأمر من الرجل سوى دقائق معدودة، خصوصاً وأنه عرف بعبقريته وسرعته في كتابة الأشعار الغنائية السهلة الممتعة ذات الجمل والتعابير المؤثرة. أما النص فقد جاء على الشكل التالي:

ست الحبايب يا حبيبه يا أغلى من روحي ودمي

يا حنينة وكلك طيبة يا رب يخليكي يا أمي

سريعاً فكر السيد في تحويل النص إلى أغنية كي تكون هدية لكل أم مصرية وعربية، فوافقته أمه على الفكرة وزادت سعادتها. وهكذا انطلق بسرعة البرق إلى صديقه الموسيقار محمد عبد الوهاب، عارضاً عليه تولي التلحين. وكانت المفاجأة أن عبد الوهاب سعد هو الآخر بالفكرة لما قرأ النص، بدليل أنه وضع لها لحناً رائعاً خلال 15 دقيقة. بعد ذلك راح السيد وعبد الوهاب يبحثان عن مطربة قديرة ذات صوت جذاب كي تؤدي الأغنية، فلم يجدا أفضل من فايزة أحمد التي كان كليهما قد تعاون معها من قبل. وبالفعل اتصل عبد الوهاب بها ودعاها للحضور إلى فيلته لعمل البروفات اللازمة، فحضرت وظلت ساهرة حتى الساعات الأولى من فجر يوم 21 مارس لتتدرب على الأغنية. لكن المفاجأة كانت أن عبد الوهاب، لشدة إعجابه بالأغنية، قام بغنائها بنفسه على العود، وأرسل تسجيلها إلى إذاعة القاهرة التي أذاعتها في الساعة العاشرة صباحاً.