لا سبيل لمن يتتبع مبادرات وزارة الداخلية بمملكة البحرين وبرامجها إلا القول إن هذه المبادرات والبرامج التي تنشغل بها هذه الوزارة بين الفينة والفينة على كل المستويات لمصلحة المجتمع تتنزل في سياقات بناء دولة وتأسيس مجتمع واعِ متعاون يمكن الاعتماد عليه في نجاح كل هذه البرامج والمبادرات، خاصة أن هذه المبادرات والبرامج تأتي دائما لتحقيق متطلبات مجتمعية يقتضيها الحاضر ويتطلبها حسن الاستعداد للمستقبل، وأنها تجسيد حي لما تسعى له وزارة الداخلية في مثابرة شديدة لإشراك أفراد المجتمع في تحمل مسؤولياتهم في اتخاذ لوازم الحيطة والحذر لضمان أمنهم الشخصي وسلامة مجتمعهم. ومع تدشين المنصة الوطنية للحماية المدنية؛ لتضاف إلى مجموعة المبادرات والمشاريع ما يؤكد مسعى وزارة الداخلية إلى جعل الشراكة المجتمعية واقعا حضاريا في منظومة البناء والاستقرار التي تنعم بها مملكة البحرين في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وبمتابعة كريمة من الحكومة الموقرة، برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه.

هكذا هي هذه الوزارة العريقة كما عهدناها دوما، فقد جعلتنا، وهي تكرس في أفهامنا المعنى الحقيقي لمقولة الشرطة في خدمة الشعب؛ ندرك عيانا أن الدول الحريصة على أمن وسلامة مواطنيها وممتلكات الدولة لا تراها إلا وهي متحفزة دائما، مستعدة في مطلق الأحوال، تُعد العدة لمواجهة كل الاحتمالات، متهيئة لمواجهة مختلف الكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة والإشعاعات المحتملة، ولنا في تاريخنا القريب جداً شواهد متعددة ومتنوعة على نجاح مبادرات وزارة الداخلية وإيمانها بالشراكة المجتمعية ودورها الفعال في مواجهة مثل هذه الكوارث، ولعل انتشار وباء كورونا وذكرياته المريرة ليست عنا ببعيدة حتى نتبينها شهادة حية على فضل وزارة الداخلية علينا، ودورها في حمايتنا من كل المخاطر. في كل الحلول الأمنية بمعناها الواسع تجد الحضور المكثف لهذه الوزارة العريقة.

بعيداً عن القيل والقال في المقاصد والأهداف، ودرءا لما يمكن أن تثيره الأقاويل والإشاعات فإن وزارة الداخلية تأخذ على عاتقها مهمة توعية المواطنين والمقيمين للقيام بما تتطلبه سلامتهم وأمنهم الشخصي والعام، وتأتي المنصة الوطنية للحماية المدنية التي تفضل معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في إطار الإفادة من توظيف الإمكانات التكنولوجية الحديثة واستثمار منافعها لخدمة المجتمع البحريني عبر تعزيز هذه المهمة الوقائية. ومن هذا المنطلق فإنه لا يبدو غريباً على وزارة الداخلية أن تنبه المواطنين والمقيمين وتستحثهم إلى ضرورة تفعيل جرس التنبيهات في التطبيقات الحكومية الثلاثة، «مجتمع واعي» وقد كان مرجعاً حكومياً مهما للمواطنين والمقيمين عندما كان المجتمع يكافح فيروس كورونا، و«المرور» و«تواصل»؛ «لتعزيز الثقافة الأمنية في المجتمع».

الشراكة المجتمعية غاية تسعى لها وزارة الداخلية وتربطها بكل المشاريع والمبادرات ذات الطبيعة المجتمعية، وها هي مبادرة وزارة الداخلية لم تقف عند هذا الحد، إذ أردفتها بمشروع التطوع لخدمة الدفاع المدني، وهو مشروع يهدف إلى «تأهيل وإعداد وتنظيم المتطوعين وتعزيز السلامة والوعي الوقائي لدى المجتمع». ليتم تأهيل المتطوعين، الذين لا نشك أنهم سيكونون بالمئات؛ لأن ذلك من صميم المواطنة والوطنية، ومن ثم دمجهم في عمل الدفاع المدني بعد أن يتم اختيار أفضلهم وأكثرهم استعدادا للقيام بهذه المهمة التي تتطلب بلا شك مؤهلات خاصة وتدريباً شديداً مكثفاً، حتى يتم فيما بعد تصنيفهم «إلى فئتين هما متطوع عام وآخر متخصص.» التطوع مظهر حضاري وأخلاقي ينم عن انتماء حقيقي للمجتمع الهدف منه تحقيق أكبر قدر من الشراكة للمساهمة مع مؤسسات الدولة المختلفة في تقديم الخدمات للمجتمع.

مشروع كهذا ينبغي أن يحظى بالدعم والمساندة؛ لأنه سيغني أفراد المجتمع عن البحث عن الحقائق والمعلومات ممن لا يملكها، وسيوفر منصة نافعة يمتلك اليوم كل أفراد المجتمع إمكانية الحصول فيها على المعلومة من مصادرها الموثوقة؛ لتئد الشائعات والأقاويل المبالغ فيها، وهذا ما أكده مدير عام الإدارة العامة للإعلام والثقافة الأمنية العميد محمد بن دينه في توضيحه للدور المنوط بالمنصة الوطنية للحماية المدنية حين قال محددا مقاصدها وأهدافها بأنها تسعى إلى «أن تكون مرجعًا دائمًا وقاعدة معرفية وتوعوية حول الحماية المدنية، كما تهدف إلى ترسيخ الوعي المجتمعي بعيدًا عن إثارة أي مشاعر للهلع أو الخوف لدى المتلقي، في ضوء ما تشهده المنطقة والعالم من صراعات.»

هذه المبادرات فضلا عن أن كثيرا من الدول المتقدمة تعمل بها وتأخذها مصادر موثوقة للأخبار والمعلومات والبيانات، فإنها تبقى دليل مواكبة للتطور ومقياساً دالاً على التناغم بين الدولة والمجتمع، وعلامة فارقة على تعاون الدولة ومشاركتها المجتمع في توفير الحماية وتعزيز السلامة، ودليلاً واضحاً على حس مدني راق وروح مواطنية.