الإمارات تميزت بالمبادرات والمنجزاتُ فيها أشبه بالمعجزات اللامستحيلات. استطاعت الدولة أن تدمج هذا الحدث العالمي في عام الاستدامة بجدارة الفعل لا ببريق الشعار.

أقول مجازاً إن الإمارات تمكنت من جمع دول العالم كلها في القمة المناخية «كوب 28»، بمدينة إكسبو دبي.
كل ذلك من أجل الحفاظ على صحة «الأرض» أم الجميع من مرض التلوث البيئي، واستدراك التغير المناخي، بحلول استباقية لتحقيق الهدف صفر كربون والوصول إلى الحياد المناخي.
التغير المناخي منذ قمة باريس 2015، بات الشغل الشاغل لأكثر من 200 دولة في العالم، وفي «كوب 27» بمصر تم تأسيس صندوق خاص لتمويل المشروعات التي تساعد في الحفاظ على درجة حرارة الأرض بالحد من ارتفاعها لأكثر من 1.5 درجة مئوية، خاصة في الدول الفقيرة التي لا تملك مصادر التمويل اللازمة للحاق بالدول المتقدمة في هذا المجال، وما زال هذا الصندوق ينتظر المساهمة من الدول التي لها قدم السبق في تلوث البيئة وبنسبة 80% من إجمالي الملوثات وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وحدها 35%.
والمفارقة هنا بالنسبة لأميركا، عندما وصل بها التماس مع أوروبا، انتبهت لمصلحتها الذاتية، وهو ما ذهب إليه جون كيري، المبعوث الأميركي الخاص بشأن تغير المناخ، بقوله إن بلاده مُنفتحة على «إجراء تغييرات أو تعديلات عادلة» محتملة لخطتها المناخية التي تتضمن تقديم إعانات ضخمة إلى الشركات الأميركية، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية لشراء السيارات الكهربائية أميركية الصنع، بعد أن أثارت غضب الأوروبيين الذين يخشون هجرة شركاتهم إلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
فيما الدول العظمى تدور حول ذاتها، فإن الإمارات العظيمة بمبادراتها وقيمها الإنسانية، تخترق الأفق البعيد، فقد جعلت نصب عينيها، «المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050».
هذه الاستراتيجية تجعل الإمارات الدولة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعلن هذا الهدف المناخي بعيد المدى.
تنتقل الإمارات، وفقاً لهذا المنطلق إلى مرحلة الاعتماد على «الطاقة المتجددة» كحل أمثل ومستدام لتحقيق الأهداف البيئية بضخ استثمارات تقدر بـ600 مليار درهم حتى 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة.
وسوف يصل حجم التوفير في هذا القطاع المتجدد إلى نحو 700 مليار درهم حتى نهاية الخطة. لدينا نقطة لافتة هنا، بلغة الأرقام، الفرق بين مبلغ الاستثمارات وقيمة التوفير 100 مليار درهم، ما هو السر في التوفير؟
أذكر مثالاً من «هونج كونج» التي ليس لديها وفرة في المياه، وشعبها «مدمن» استحمام ولزمن طويل، فخرج عليهم يوماً وزير المياه في الإعلام مناشداً أفراد الشعب تقليص زمن الاستحمام بـ5 دقائق فقط، فكانت النتيجة مذهلة، توفير كمية من المياه شهرياً تملأ 100 حوض أولمبي.
جهود الإمارات في الطاقة المتجددة تأتي ضمن جهودها لمكافحة التغير المناخي داخل حدود الدولة، لكن هذا الدور امتد إلى العالم كله، بمد نطاق حلول الطاقة النظيفة والمتجددة في الدول التي بحاجة ماسة لهذا المنحى الأخضر للبيئة، حيث قامت بالاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة في 70 دولة بقيمة إجمالية تقارب 16.8 مليار دولار أميركي. الإمارات تعيش لحظة فارقة في مسيرتها التنموية نحو الاستدامة، وبخطى واثقة، وبرؤية إماراتية.