وزارة الدفاع البريطانية أعلنت مع انتهاء الهدنة بين حماس وإسرائيل عن أنها سوف تسير طائرات استطلاعية بحجة تحديد مواقع الرهائن لدى حماس والجهاد، وهو ما سبق أن أعلنت عنه أميركا ولنفس الغرض، وهو ما تقول إسرائيل إن أولويتها في حرب الإبادة أن تعيد الرهائن إلى إسرائيل.

* *

تضيف بريطانيا أن ما سوف تحصل عليه من معلومات عن إنقاذ الرهائن ستزوِّد بها السلطات المسؤولة عن إنقاذهم، ولم تحدد من هي هذه السلطات، ويتزامن ذلك مع ما أعلنه قائد سلاح المدرعات بالجيش الإسرائيلي عن بدء استعدادهم لتوسيع عملياتهم البرية لمناطق أخرى من قطاع غزة.

* *

هذا النوع من الدعم البريطاني والأميركي لإسرائيل لا يمكن حصره بالبحث عن الرهائن وإنقاذهم، وإنما هو لتسريع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتطبيق النوايا والأهداف الإسرائيلية التي أقلها وضع جزء من غزة منطقة عازلة وتحت سيطرة الجيش الإسرائيلي أمنياً، وأكثرها خطورة التهجير القسري إلى سيناء كما تتحدث عن ذلك تل أبيب.

* *

وما هو واضح لي أن إسرائيل حتى الآن لم تستطع أن تتخلَّص من القادة الفلسطينيين حتى وهم في الميدان يواجهون عدوهم ببسالة وشجاعة، وينزلون به أشد الخسائر بشرياً وآلياً، ويمنعونه من الوصول إلى الأسرى رغم مساعدة أميركا والغرب عموماً، ما يجعل قيام بريطانيا وقبلها أميركا بتسيير طائرات استطلاعية في سماء غزة عملية عسكرية مشبوهة.

* *

واللافت للنظر، أن إسرائيل بدون طيرانها الحربي المتطور، فإنها على الأرض لم تفعل شيئاً، وكل القتلى والمصابين من المدنيين الفلسطينيين والدمار الهائل هو بفعل الطائرات، يقابل ذلك خسائر بشرية إسرائيلية كبيرة في كل اشتباك على الأرض، وتدمير الكثير من الآليات الإسرائيلية، وهو ما لم يعتد عليه العدو في كل حروبه السابقة مع العرب.

* *

السؤال: طالما أن أميركا وأصدقاء إسرائيل في دول أوروبا يتحدثون عن خيار الدولتين في كل تصريح من أي مسؤول كبر أو صغر في سلم المسؤولية، لماذا لا يجبرون حليفتهم إسرائيل على القبول بهذا الخيار، الذي لم تقبل به، بل إنها ترفض قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ولا تستجيب للمبادرات العربية، وأكثر من ذلك ما تم الاتفاق عليه وفق أوسلو.

* *

والآن ها هي إسرائيل بدلاً من خيار الدولتين تحول قطاع غزة إلى أرض محروقة بمن فيها من البشر دون رحمة أو وازع من ضمير أو إنسانية، وأميركا وحلفاؤها يقولون إن إسرائيل لها الحق المشروع في دفاعها عن نفسها، متجاهلين أن غزة كما هي الضفة الغربية كما هي القدس أراض فلسطينية محتلة، وأن جرائم إسرائيل تجري في الأراضي الفلسطينية، وليس في أراضي الكيان الإسرائيلي.

* *

بل إن قواعد الاشتباك في حرب غزة، تخرج تماماً عن قواعد الحروب، فإسرائيل ترمي بحمم قنابلها وصواريخها وأسلحتها المدمرة وغازاتها السامة دون تمييز فتقتل المدنيين من نساء وأطفال وكبار السن من الفلسطينيين، ودون أن تصيب أي أهداف عسكرية لحماس أو الجهاد، وإن ادّعت كذباً بأنها تحقق مكاسب في ذلك.

* *

نعم هي تهدم المدارس والمستشفيات ودور الإيواء والمساجد والكنائس على أمل أن يكون هناك من هو متحصّن بها من عناصر حماس والجهاد، فإذا بالقتلى والمصابين من طلاب المدارس والمرضى، ودون وجود ما توقعته إسرائيل من احتماء قادة الفصيلين العسكريين بهذه المواقع الإنسانية.

* *

سيتواصل القتال، وسيبقى الأسرى لدى حماس والجهاد معرضين للقتل شأنهم شأن الفلسطينيين إذا ما استمر الغزو الإسرائيلي بهذه الوحشية، والممارسات بهذا الجنون، وإذا ما قضت إسرائيل على حماس، وأخلت غزة من أي سلاح، وأوجدت لها منطقة عازلة من أرض غزة، فسوف يولد آخرون يقومون بما كانت تقوم به حماس، وسيصنعون سلاح مقاومتهم للمحتل كما فعلت حماس، وكما كانت بداية حماس بالحجارة، وتطورت إمكاناتها بمثل ما نراه الآن، فإن المستقبل سيكون كذلك، والحل أن يتم تحقيق خيار الدولتين، ودون ذلك لن يكون هناك أمن وسلام واستقرار لإسرائيل.