تقول صحيفة واشنطن بوست، في تقرير لها، أن غرفة عمليات واحدة أنشأها محور الممانعة، للفصائل كافة، أي لحزب الله والحشد الشعبي والحوثيين، وبالتأكيد لحركة حماس، كي تهندس العمليات العسكرية، بما لا يؤدي إلى حرب شاملة، والمقصود حرب لا تورّط إيران في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

هذه المعلومات التي أوردتها واشنطن بوست، نقلاً عن دوائر القرار الأميركي، يمكن ربطها بقرار سحب حاملة الطائرات جيرالد فورد من المنطقة، بعد انتفاء دورها في ممارسة الردع، والأميركيون بطبيعة الحال، لن يقدموا على هذه الخطوة طالما أن لديهم أية معلومات عن احتمال قيام إيران بتفجير مواجهة كبرى، وهي يمكن أن تكون رسالة لحكومة بنيامين نتانياهو، التي تشاكس الإدارة الأميركية، في تخطيطها لليوم التالي للحرب في غزة.

ما نشرته الصحيفة الأميركية، يشكل تأكيداً للمؤكد، الذي هو ساد منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، فهذه الثورة عيّنت يوماً للقدس، وشكّلت فيلقاً للقدس، لكنّها لم تواجه إسرائيل بالمباشر، يوماً من أجل القدس، بل تولّت ذلك عنها، الأذرع التي أنشأتها، كي تتفادى عبء الحرب، وتستثمر في القضية الفلسطينية، على طريق نشر النفوذ وامتلاك الأوراق في المنطقة.

تبعاً لذلك، فإن أي اشتباك ينفّذه أحد أذرع إيران، سواء في الجنوب أو العراق أو البحر الأحمر، سترتد تبعاته على كل هذه البلدان، في وقت تبقى طهران بمنأى عن تحمّل أوزار الحرب، وقد يكون اليمن الهدف المقبل للتحالف الدولي الذي شكّلته أميركا، وسيبقى من باب التندّر مراقبة الفرقاطة الإيرانية، التي أرسلت الى البحر الأحمر لدعم الحوثيين، فهذه الفرقاطة ستقوم بجولة سياحية، وستراقب من بعيد حملة القصف الجوي، على ميناء الحديدة ومقرات الحوثيين.

وأسوة باليمن، تأمر طهران حزب الله - العراق، باستهداف القواعد الأميركية، مع ما يلحق بها من أضرار هامشية، ثم تراقب ردة الفعل الاميركية، التي تسقط عشرات المقاتلين، وتستهدف مراكز الحشد في العراق وسوريا.

وأسوة باليمن أيضاً، تراقب إيران تعرض حزب الله في لبنان للغارات وسقوط العناصر، لكنّها أيضاً تنكفئ وراء معادلة اللاحرب، التي التزمت بها مع الادارة الأميركية، والتي لا يتوقع لها أن تخرق، طالما أنّ طهران تستعمل الأدوات التي تسعى من خلالها للجلوس الدائم على طاولة المنطقة كلاعب فاعل.

لم يجانب القائد في الحرس الثوري الحقيقة، حين كشف أن عملية طوفان الأقصى، كانت أحد الردود على اغتيال قاسم سليماني. فحماس المنضوية في حلف الممانعة، لم تكن لتقرر هذه العملية من دون علم وتشجيع طهران، أما غزة فهي الضحية بأهلها وبناها التحتية.

ستبقى طهران خارج لعبة الحرب، لأن الأولوية هي لسلامة واستمرار النظام، أما الأذرع فهي تدفع البلدان التي تنطلق منها، الثمن الذي لا يمكن قياس خسائره.