في عام 1950، كان 12٪ فقط من سكان أوروبا في سن الخامسة والستين، أما اليوم فقد تضاعفت هذه النسبة، حيث تشير التوقعات إلى أنه في عام 2050 ستصبح نسبة السكان الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين أكثر من 36٪، وهذا يعنى أمراً واحداً؛ إن أوروبا تشيخ!
عندما خرجت هذه العبارة من مراكز الدراسات الاجتماعية الغربية، دُق ناقوس الخطر. في الماضي، كان لكل امرأة في أوروبا بالمتوسط أكثر من طفلين. ولكن منذ عام 2000، انخفض معدل الخصوبة إلى ما أقل من ذلك. وكذلك يعيش الأوروبيون ليبلغوا أعماراً أطول الآن؛ حيث يعيشون 78 عاماً في المتوسط، سيؤدى هذا إلى زيادة الطلب والضغط على الرعاية الصحية، بما يعادله من موارد مالية كبيرة. فمثلاً، في عام 2014، كانت دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادى تنفق في المتوسط 1.4٪ من الناتج المحلي على الرعاية الصحية طويلة المدى، ولكن من المتوقع أن ترتفع هذه التكاليف بشكل كبير لتصل إلى 6.4٪ بحلول عام 2060.
ويبلغ الإنفاق العام على الرعاية الطويلة الأجل أعلى مستويات له في هولندا والدول الاسكندنافية (حيث يكلف 3٪ إلى 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، كل هذا مع قلة معدلات الخصوبة، فهل سيحل تلك المشكلة المهاجرون؟
صدر في باريس تقرير ذكر فيه خبراء من الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن «القارة المسنّة» يمكنها تفادي أن تدب الشيخوخة في أوصال قطاع القوى العاملة إذا استفادت من المهاجرين، وذلك بإدخالها المزيد من النساء والمسنين إلى سوق العمل وتشجيع تحركهم داخل حدود أوروبا والاستفادة من المهاجرين الموجودين بالفعل بأكبر درجة ممكنة.
في 2022، أبلغ نحو 3 من أصل كلّ 10 شركات عن نقص في العمالة، كما تحدثت 74 في المائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة عن وجود نقص في العمَّال المَهَرة. وفي يونيو 2023، قالت صحيفة «التايمز» البريطانية إنّ فنادق أوروبية اضطرت إلى إغلاق طوابق كاملة، وقلَّصت المطاعم ساعات عملها، بسبب النقص المزمن في العاملين في قطاع الضيافة، وقال كريستوف ديمون، الخبير في شؤون المهاجرين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بباريس: «إذا أغلقت الباب (في وجه المهاجرين) ستدفع ثمناً اقتصادياً».
وأضاف: «في الوقت الراهن يمكننا الاستفادة أكثر من المهاجرين الموجودين بالفعل وخلق توازن أفضل بين مهاراتهم واحتياجات السوق، لكن على المدى الطويل لن يقتصر الأمر على التوفيق بين المهارات، بل سيتعلق بالأعداد»
لكن المشكلة التي تواجه الأوروبيين هى مشكلة الهوية التي أثر عليها وأربكها المهاجرون الذين لا يريدون الاندماج في الثقافة الأوروبية، وهكذا تعيش القارة العجوز صراعاً لم يُحسم بعد.
التعليقات