الحرب الإسرائيلية على غزة تعدت كل الحدود الحمراء، ولم يعد الصراع الإسرائيلي - الفلسطينى محصورًا فقط في تصفية القضية الفلسطينية كما تريد إسرائيل، ولأن المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة، لا يقف فقط متفرجًا على ما يحدث، وإنما يؤيد الصهيونية في جرائمهم البشعة بهدف التطهير العرقي للأشقاء في فلسطين، نستطيع أن نجزم بأن شبح الصراع، بدأ يأخذ منحى خطيرًا جدًا، وهو صراع عقائدي كما تريد إسرائيل أن تصدره للدنيا كلها. وتلك مصيبة خطيرة تضرب الإنسانية في مقتل، لأنها تحول العالم كله إلى بؤرة صراع لا يحمد عقباها.

في الوقت الذي تبذل فيه مصر الجهود الواسعة والمضنية من أجل وقف الحرب الإسرائيلية، والسعى إلى تنفيذ هدن جديدة، حتى الوصول إلى الوقف الدائم للحرب، نجد إسرائيل تزداد جرمًا ضد الفلسطينيين من أجل إجبارهم على الرحيل وتصفية القضية الفلسطينية واحتلال المزيد من الأرض العربية، وإلا ما تفسير اغتيال القيادى في حماس صالح العارورى مؤخرًا؟!.. لقد حدث ذلك بعد اتفاق الفصائل الفلسطينية على رؤية واحدة، والاستعداد لهدنة ثم الدخول في مفاوضات السلام القائمة على الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. والتوغل البشع في قطاع غزة، وعمليات اعتقال المواطنين في الضفة الغربية، وكل الجرائم التي تقوم بها إسرائيل حاليا تعني أنها تريد إشعال المنطقة بأسرها.

ويأتى على الجانب الآخر تصريحات الرئيس الأميركي بايدن التي يريد بها إشعال المنطقة بشكل خطير، فيما يتعلق بالبحر الأحمر، لأن هذه التصريحات لا تبشر بخير على الإطلاق، ففي الوقت الذي تريد إسرائيل إشعال المنطقة نجد الولايات المتحدة تزيد هذا الاشتعال بطرق أخرى في البحر الأحمر، وهذا يعنى أنها تريد دخول أطراف أخرى في هذا الشأن. وبذلك يتحقق هدف الصهيونية العالمية في المزيد من الكوارث بالمنطقة، بما يحقق حلم الدولة العبرية الذي لا ينتهي في إقامة دولتهم الكبرى من النيل إلى الفرات، وهيهات لهم أن يحدث في ظل الوعي المصري والعربي الذي يدرك كل هذه الأبعاد الخطيرة لما يحدث في المنطقة، لكن يبقى على حكومات الدول العربية أن تكون أكثر حرصًا على ما يحدث بدلًا من الدخول في صراعات لا نهاية ولا حصر لها وعواقبها وخيمة وكارثية.
ونحمد الله سبحانه وتعالى أن في مصر شعبًا عظيمًا يتمتع بكياسة وفطنة ويدرك كل هذه الأبعاد، وكذلك قيادة سياسية تتمتع بالحكمة والرشد وتتصرف في هذا الشأن بمهارة بالغة، وهذا ما حدث منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر الماضي، وتعاملت مع الأمور بالكياسة البالغة، ولم تُمكن كل الأطراف المختلفة من تحقيق الأهداف الخبيثة التي تسعى إلى جر البلاد في متاهات، بل إن الدولة المصرية فوتت الكثير من المخططات والمؤامرات التي تريد النيل من مصر، فدائرة الصراع كانت إسرائيل والمجتمع الدولي وعلى رأسه أميركا تريد توريط مصر، لكن القاهرة تعاملت بذكاء ومهارة سياسية بالغة، جعلت العالم يحترم الرؤية المصرية الثاقبة في هذا الشأن.. ويجب أن يعرف الجميع أن مصر التي تعيش في بؤرة ملتهبة من حولها، بعد سقوط عدة دول عربية في براثن الفوضى والاضطراب والحرب بالوكالة، مثل ليبيا والسودان واليمن والعراق وسوريا. وكل هذا لا يشفي غليل المتآمرين إنما العين على مصر، والله حفظها بقدرته بفضل وعي الشعب وحكمة القيادة السياسية ورشدها.

إسرائيل والمجتمع الدولي وعلى رأسه أميركا أعدا العدة حاليًا لنقل دائرة الصراع العربى - الفلسطيني إلى ما يشبه شبح الحرب في البحر الأحمر، حتى تدخل دول أخرى في دائرته، من أجل إحلال المزيد من الفوضى والسعي بكل السبل إلى تصفية القضية الفلسطينية، وحتى ينشغل العرب بمشاكلهم فقط.. احذروا الوقوع في الفخ الإسرائيلي - الأميركي لأن العواقب ستكون كارثية جدًا.
«وللحديث بقية»