الإعاقة التي تصيب الإنسان قد تكون متفاوتة من شخص إلى آخر، وردة فعل المعاق تكون كذلك متباينة وهذان العاملان لهما تأثير قوي على تقبل الإعاقة من عدمها، بالمقابل قد تكون دافعا للإنجاز والإبداع، وكما قيل: رب ضارة نافعة، والأمثلة على ذلكم كثيرة قديما وحديثا.
- يوم 4 يناير الحالي وافق «اليوم العالمي لبرايل»، وبرايل هي لغة يستخدمها المكفوفون لقراءة الكتب والمطبوعات والإرشادات، وستجدها موجودة أيضا على الأرقام في المصاعد وأجهزة الصراف الآلي، وغيرها لتسهيل استخدامها من قبل البصير «كلمة تطلق على الأعمى تفاؤلاً» و»برايل» عبارة عن رموز الأبجدية والرقمية باستخدام ست نقاط يمكن تحسسها باللمس لتمثيل كل حرف وعدد، الذي اختراع هذه اللغة هو الفرنسي لويس برايل في القرن التاسع عشر الميلادي، وقد أصيب في صغره بحادث في عينيه أفقده البصر، ولكن بسبب عزيمته وإصراره، فقد اخترع وطور هذه اللغة لتصبح عالمية.
- للإستفادة اللغوية، الاكمه هو ممسوح العينين، والضرير والكفيف هما اللذان كان مبصرين ثم فقد بصرهما، وأما الأعمى فهي تقال للذي ولد ولم يبصر أبدا في حياته، وللفائدة أيضا فإن كلمة الأعمى قد تطلق على الذي فقد بصيرة القلب، فقد قال الله سبحانه وتعالى : « فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ».
- تاريخيا، فهناك العديد من الشخصيات المؤثرة، والتي تركت بصمة في الحياة رغم الصعوبات والإعاقة البصرية، منهم على سبيل المثال: الصحابي عبد الله بن أم مكتوم القرشي العامري -رضي الله عنه-، والشاعر بشار بن برد، والشاعر أبو العلاء المعري، وابن عباس -رضي الله عنهما- الذي عُمي في آخر عمره، وأما في الزمن الحديث، فمنهم الكاتبة والمؤلفة الشهيرة هيلين كيلر، وعميد الأدب العربي طه حسين، والعلامة ابن باز.
- ومن الناحية الدينية، فقد جاء في الحديث النبوي الشريف ما يسلي ويصّبر من أصيب بهذه الإعاقة: « إن الله عز وجل قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة».
- ويُحتفل باليوم العالمي للغة بريل، منذ عام 2019، لإذكاء الوعي بأهمية لغة بريل بوصفها وسيلة للتواصل في الإعمال الكامل لحقوق الإنسان للمكفوفين وضعاف البصر»، وتجدر الإشارة إلى أن هناك إعاقات قد تكون أشد على الإنسان من الإعاقة الجسدية؟! منها الإعاقة الفكرية «الدوغمائية» وهي حالة من الجمود الفكري، حيث يتعصب الشخص لأفكاره الخاصة لدرجة أنه يرفض بتاتا الاطلاع على أي أفكار مخالفة له، وهذا يدل على ضعف الفكر، والخوف من المجهول، والإنسان عدو ما يجهل، والإعاقة الأخرى الشديدة هي الإعاقة المعنوية والنفسية، والتي قد تصل بالإنسان إلى مرحلة الإحباط والحزن الشديد يتبعها الاكتئاب الحاد والعزلة عن المقربين والمجتمع، وهذه المرحلة قاصمة لكل إنجاز وإبداع، وهي مدمرة أيضا لأي موهبة وجدت.