في مبادرة غير مسبوقة، تبيّن أهمية الحدث وخصوصيته، صدر عن وزارة الخارجية الأميركية بيان، رحبت فيه باختيار الشيخ الأستاذ محمد صباح السالم الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، تضمن تطلعات لتعميق شراكة أميركا مع الكويت ورئيس الوزراء الجديد، وهذا موقف غير مسبوق يبين أهمية التعيين، ودوره في تعميق العلاقة بين البلدين. كما أعربت الخارجية الأميركية عن أملها في أن يتمكن الرئيس الجديد من تطبيق برامجه الإصلاحية والسياسية والإدارية، التي طال انتظار الشعب لها، نظراً للتجربة السياسية والعقلية المنفتحة، والعلاقات التي يمتلكها الرئيس المكلف على كل الأصعدة، وقدرته على توظيفها لمصلحة وطنه. فهو، في نظر جهات عدة، رجل المرحلة بالفعل، وما تحتاجه الكويت لمواجهة جبال مشاكلها، التي تراكمت نتيجة الأخطاء الإدارية القاتلة، التي أرهقت كواهلنا، وربما جاء من سيتصدى لها.

أستطيع الجزم، من خلال معرفتي المتواضعة بالأستاذ الشيخ محمد الصباح، ولقاءاتي القليلة معه، ومعرفة وجهات نظره، أنه سيوفق في اختيار فريق عمله، بشكل جيد، وهذا ما هو بحاجه إليه في ظل وجود مجلس أمة يفتقد عدد كبير من أعضائه تفهم دقة المرحلة المقبلة وخطورتها، وإنها الفرصة الأخيرة لانتشال الدولة من تعثرها الذي طال، وأن على أعضائه وضع مصلحة الوطن فوق مصالحهم الشخصية، و«فوق المعروف من ولاءاتهم»!

ما نتمناه عليه، إن سمح لنا بذلك، وهو الذي يمتلك تجربة سياسية جيدة، وخبرة في التعامل مع البرلمان، أن يبتعد عن المحاصصة القاتلة، وأن يقوم شخصياً بمقابلة كل مرشح للوزارة، ولا يعتمد أبداً على سيرهم الذاتية، وأن يتجنب الأخطاء القاتلة التي وقع فيها من كانوا في موقعه نفسه، عندما اختاروا وزراء تبيّن لاحقاً وجود ملاحظات قانونية وشخصية تمنع توليهم المنصب الوزاري، هذا بخلاف ضعف الشخصية وقلة الخبرة!

تنقسم مشاكل الدولة إلى نوعين: آنية تتطلب التصدي لها فوراً بقرارات حازمة وسريعة ومدروسة جيداً، وأخرى أكثر خطورة، لكنها ستحل نفسها بمجرد «شعور من هم وراءها، أو من خلقوها» أن الإدارة جادة ونظيفة والمحاسبة قادمة.

سيدي الفاضل: أنت ونحن، والكويت قبلنا، أمام فرصة تاريخية مفصلية لن تتكرر، فإما أن تخرجنا، في ظل القيادة الحازمة والحكيمة، من الحفر التي وجدنا أنفسنا نخرج من واحدة لنسقط في أخرى، أو أن يتردى وضعنا أكثر. فمشكلتنا ليست دواراً تأخّر إنجازه، أو طريقاً لم يرصف منذ عقود، بل تكمن المشكلة في غياب تطبيق القانون، وغياب القرار، وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير عرق وعمل وسهر وجهد مضاعف وقدرات عظيمة على اتخاذ قرارات، تؤلم القريب قبل البعيد، وهذه من صفات القيادة الحكيمة، التي نعتقد أنك تمتلكها.

الثقة التي نلتها من المقام السامي، والحب الذي نلته من الشعب، لم ينلهما أحد قبلك، وأنت أهل لهما، ونتمنى ألا يخيب ظننا.