تعتبر قوة الردع هي حجر الأساس في الدفاع، وستظل إحتياجات الردع عاملاً أساسياً محفزاً لقدراتنا، ولعب دوره الحيوي في تطوير وبناء قوة فعالة متطورة ومرنة قادرة على حماية مقدراتنا في جميع المجالات، وهي الضمان والقوة الدافعة للتنمية وخدمة مصالحنا الوطنية وإزدهارها، توطين صناعة الدفاع رافد له أبعاده وإسهاماته في تحقيق نهضة عظيمة بتعدد الفرص ودراسة الممكنات وتنميتها، شهد الإهتمام في بناء قدرات الدفاع أكبر عملية تطوير في تاريخها للوصول إلى المستهدفات وفق الرؤية، وما وصلت إليه من تقدم كبير مع تنفيذ برنامج تطويرها بقيادة سمو الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع -وفقه الله-، وهو ما يظهر أهميته الإستراتيجية للمملكة من خلال رؤيتنا المستمدة من رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الطموحة المبنية على توجيه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- القائد الأعلى لكافة القوات المسلحة والتي تستند على 3 محاور وهي مجتمع حيوي وإقتصاد مزدهر ووطن طموح، إن نوع الدفاع المناسب الذي نختاره يعتمد على ظروفنا الوطنية، بما يحقق مصالحنا الوطنية ويعزز تنميتنا الإقتصادية والإجتماعية الشاملة وتنمية طويلة الأمد تعكس قوتنا الوطنية الشاملة وقدراتنا التنافسية ومساهمتها في حفظ السلام والأمن الدوليين.

تلقى مبادرات معرض الدفاع العالمي ذات الأهمية الفائقة بالنسبة لمستقبل الدفاع تقديراً عالمياً واسعاً، لكونها توجد فرصا واعدة للإستثمار الواعد والتقدم التقني. حيث تأتي أهمية معرض الدفاع العالمي كونه ينظم في المملكة العربية السعودية التي تتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي لصناعة الدفاع، حيث تقع في قلب سلاسل الإمداد العالمية، وترتبط بقارات العالم الثلاث كحلقة وصل بين الشرق والغرب.

ذات يوم قال رئيس الوزراء المملكة المتحدة تشرشل: لا يوجد أعداء أبديون أو أصدقاء أبديون في العالم، بل هناك مصالح أبدية فقط. في هذا العصر دخل العالم مرحلة جديدة من التعقيد والإضطراب والتحول في ظل قرن من التغييرات، وأصبح أكثر تعقيداً وتنظيماً وأصبح التعاون الدولي أمراً حتمياً في مواصلة تعميق وتوسيع الشراكات العالمية والمنافع المشتركة وتحسين الحوكمة العالمية، إن تعزيز الشراكات العالمية يخلق زخما جديدا للتنمية الشاملة، ويساهم في بناء أنواع جديدة من العلاقات الدولية القائمة على التعاون واستكشاف تطوير القدرات وتعزيز الإبداع العلمي والتكنولوجي، الذي يوسع تقارب المصالح مع جميع الدول والأطراف ذات العلاقة، ويحقق التكامل بين مصالح الجميع، إن تعميق وتوسيع الشراكات العالمية يحافظ على ميزة القدرة على المدى الطويل، وزيادة التنسيق والتفاعل وإقامة نمط من العلاقات هو قدرة بحد ذاتها تستلزم المنفعة المتبادلة وتعمق الصداقة والثقة والشفافية وتكامل المصالح وهي عنصر أساسي في التضامن والتعاون وحماية المصالح والتنمية المشتركة ومساهمتها في تحقيق أقصى قدر من تحفيز المواهب، ما يمكن مواردنا البشرية من الارتقاء إلى أعلى سلسلة القيمة.

معرض الدفاع العالمي الذي تنظمه الهيئة العامة للصناعات العسكرية في المملكة عزز زيادة جاذبية البيئة الاستثمارية لهذا القطاع ومكّن المزيد من الشراكات العالمية عبر شركائها من القطاعين العام والخاص على كافة المستويات والقادرة على تعزيز الشراكات والمشاركة في البحث والتطوير والإنتاج العسكري، وفي تشكيل كيانات تنافسية متنوعة وفعالة تعزز تكامل القطاعين العام والخاص وتحسن هيكل السوق الاحتكارية واحتكار القلة التي تعاني منها صناعة الدفاع، وتحفز الصناعات العسكرية المحلية في الوصول إلى سوق الدفاع والأمن العالمي عبر شراكاتها مع كبرى الشركات العالمية عبر نقل الصناعة العسكرية والتقنيات المتقدمة إلى المملكة العربية السعودية وسد الفجوة بين الشركات المصنعة والسوق السعودي المحلي وتوطين الصناعات الدفاعية والأمنية في المملكة والمنطقة، وفهم المسار المتمايز في هذه الصناعة للوصول إلى مستهدفات الرؤية ذات الأطر الإستراتيجية في مجالات الحرب السيبرانية والأنظمة والمكونات الهيكلية للطائرات بدون طيار والذخائر والصواريخ الموجهة والقاذفات والذخائر التقليدية والأسلحة والإلكترونيات الدفاعية، وكذلك ضمان إستقرار سلسلة التوريد وأيضًا إلى دخول نظام سلسلة التوريد للأسلحة والمعدات الأوروبية والأمريكية، يعتبر سوق الدفاع قطاع إقتصادي متخصص للغاية، يعاني من احتكار القلة الذي يحد من القدرة التنافسية ويساهم في ارتفاع الأسعار ويقلل الحافز على الإبتكار، في بعض المجالات على سبيل المثال كان يقتصر نطاق الموردين على شركة واحدة بسبب الطبيعة الاحتكارية والحاجة لتوليد قدرات فريدة من نوعها. يساهم معرض الدفاع العالمي في توطين صناعة الدفاع والأمن وتعزيز حيوية الصناعة والبيئة الاستثمارية الجاذبة عبر فتح آفاق التعاون الدولي والإقليمي وتمكين الشراكات النوعية وموازنة العقود للحفاظ على علاقات طويلة الأمد مع الموردين ومساعدتهم في الحفاظ على القدرة التنافسية على المدى الطويل، وإصلاح نموذج التسعير مع الموردين لضمان استمرارية الإمداد بالمنتجات والخدمات العسكرية والأمنية وتشجيع الاستثمار في تطوير تقنيات جديدة، تعزز تنافسيتهم التقنية وتحفز الابتكار وتطوير الملكية الفكرية في هذا القطاع، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة على المشاركة لضمان المنافسة، وحصول كافة القطاعات العسكرية والأمنية على أفضل المنتجات والخدمات الدفاعية والأمنية بأفضل الأسعار، والمساهمة في تحقييق أهداف رؤية المملكة 2030 ودعم الهدف المشترك لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتوطين 50% من الإنفاق الدفاعي لتحقيق مستهدفات التوطين والاستقلال في صناعة الدفاع.

لا يخفى أن القاعدة الاقتصادية وأشكال النظم الاقتصادية والسياسية والهوية الثقافية والعرقية والقومية والأيديولوجية تؤثر على القرارات الاستراتيجية المتعلقة بعمق الشراكات العالمية والتحالفات في المجال الدفاعي والأمني، ولكن بالنظر إلى القوة الوطنية والجغرافيا التي تعتبر هي القوة الدافعة الجوهرية والمؤثرة على اختيار الحلفاء والشراكات في مجال الدفاع والأمن، نجد أنها لا تستطيع تجاوز المقومات الجيوستراتيجية التي تتناسب مع نمط الأمن القومي المتفوق من ناحية إدراك الإمكانات غير العادية التي توفرها مقوماتها الجيوستراتيجية على موازين القوى في تأكيد قدراتها التنافسية من الناحية التكتيكية وتفوقها من الناحية الإستراتيجية.

ليس هناك أكثر من خمسة ألوان أساسية على وجه الأرض، ومع هذا فإنها بتركيبها مع بعضها تنتج أطيافاً أكثر مما يمكن رؤيته، والشراكات العالمية الإستراتيجية هي كذلك تنتج أطيافًا أكثر مما يمكن تصوره وتخيله!