ارتفعت علاوة أسواق النفط مع ارتفاع المخاطر الجيوسياسية بشكل متزايد الأسبوع الماضي، بعد أن رفضت إسرائيل عرض وقف إطلاق النار وقصفت رفح، مما يجعل من غير المرجح أن تشهد الأسابيع المقبلة أي تهدئة للتوترات في غزة. لذلك قفز سعر برنت 3.1 % الى 81.63 دولارًا يوم الخميس الماضي، بينما قفز سعر غرب تكساس 3.2 % إلى 76.22 دولارًا، وعلى المستوى الأسبوعي ارتفع برنت 6.3 % إلى 82.19 دولارًا وغرب تكساس 6.3 % الى 76.84 دولارًا. ولولا تأثير هذه الأحداث السياسية لاستمر تداول برنت في نطاق 78 دولارًا، فمازال الإنتاج من خارج أوبك في تزايد وكذلك ارتفاع صادرات روسيا في فبراير أكثر مما خططت له بعد الهجمات على مصافيها وتعطلها.

وعلى مستوى أساسيات أسواق النفط، دعمت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية في الأسبوع المنتهي في 2 فبراير 2024 أسعار النفط، بعد تراجع مخزونات البنزين الأميركي بمقدار 3.15 ملايين برميل، والأعلى بكثير من توقعات المحللين. لكن وفي المقابل ارتفعت مخزونات النفط التجارية بمقدار 5.5 ملايين برميل، وعاد إنتاج النفط إلى 13.3 مليون برميل يوميًا بزيادة قدرها 300 ألف برميل يومياً بعد تراجعه في الأسبوع ما قبل الماضي، مما حد من ارتفاع الأسعار، رغم بقاء عدد منصات حفر النفط على ما كانت عليه دون أية زيادة، وفقًا لبيانات بيكر هيوز. وهذا يشير أن المعروض الأميركي مازال مرتفعاً وقياسياً في وجه الأحداث الجيوسياسية.

ورفعت إدارة معلومات الطاقة الثلاثاء الماضي، توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2024 بمقدار 30 ألف برميل يومياً إلى 1.42 مليون برميل يومياً، وأن ينخفض الطلب الأميركي على النفط إلى 20.39 مليون برميل يومياً. وعلى جانب العرض، توقعت أن ينخفض إنتاج النفط الأميركي ​​قليلاً حتى منتصف عام 2024 ولن يتجاوز الرقم القياسي المسجل في ديسمبر 2023 حتى فبراير 2025. وأظهر مسح ستاندارد آند بورز، انخفاض إنتاج أوبك + في شهر يناير وهو الأقل منذ ستة أشهر مضت، لكن معظم هذا الخفض جاء من انقطاعات الحقول الليبية من قبل المتظاهرين بمقدار 340 ألف برميل يومياً.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يكون هناك توازن بين العرض والطلب معظم العام الجاري، مع احتمال حدوث فائض في العرض على الأقل في النصف الثاني من العام. فمازالت أسعار الفائدة المرتفعة، تلقي بظلالها على نمو اقتصاد والطلب العالمي على النفط في أكبر اقتصادات مستوردة للنفط مثل الصين والولايات المتحدة ومنطقة اليورو، والذي سيستمر في تباطئه على المدى القريب. رغم توقع ستاندارد آند بورز أن ينمو الاقتصاد الأميركي إلى 2.4 % بدلاً من 1.7 % سابقًا، ولكن ارتفاع مخاطر انكماش الاقتصاد الصيني، بعد صدور مؤشر أسعار المستهلكين الخميس الماضي، والذي انخفض بمعدل 0.8 % في يناير على أساس سنوي بعدما تراجع بمعدل 0.3 % في ديسمبر، مقارنة بتوقعات انخفاضه 0.5 % خلال الفترة نفسها، وهو الأكبر منذ سبتمبر 2009.

إن ما تشهده أسعار النفط هذه الأيام من تقلبات حادة لا تعود إلى أساسيات أسواق النفط العالمية والتي تحاول أوبك+ من خلال تخفيضها الطوعي إعادة توازنها، وسوف تتراجع مرة أخرى بعد تلاشي أثر هذه الأحداث الجيوسياسية قصيرة الأمد. وسنرى تداول عقود برنت في نطاق ضيق ما بين 75 و78 دولارًا، فمازالت مخاوف المستثمرين اتجاه مخاطر انكماش الاقتصاد الصيني قائمة واحتمالية عدم تخفيض الفدرالي لأسعار الفائدة على المدى القريب.