«لقد عرف أجدادنا معنى الوحدة، وعلينا أن نسير على درب الأجداد» بقوله هذا علمنا القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، أن نجتمع لمواجهة أي قضايا هامة مشتركة ونضع استراتيجيات بناء الأوطان، فأصبحت الإمارات ثقة ووجهة التطوير الحكومي، ولهذا تقام القمم الدولية باعتبارها منصات حيوية لتبادل الأفكار، وتحقيق فهم مشترك، وتعزيز التعاون الدولي للتصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه العالم، وللبحث عن حلول القضايا العالمية المشتركة، ثم تطوير السياسات التي تسهم في تشكيل مستقبل الحكومات.
إرث القائد المؤسس الشيخ زايد كان حاضراً في القمة العالمية للحكومات من خلال قوله: «إن دولة الإمارات كما كانت تؤدي واجباتها نحو الأشقاء في السابق، فإن المنتظر منها الآن أن تستمر في ذلك، وإذا طلب منها المزيد فلن تتوانى في تقديم كل ما بوسعها». يوضح المؤسس زايد ذلك باعتباره رمزاً شاهداً على التحولات الكبيرة في العالم العربي والعالمي، ويمثل صوت الحكمة والتوجيه في رؤيته الفذة للقمم الدولية. ويتجلى تأثيره في تحفيز الوحدة والتعاون في مستقبل الحكومات العربية والإقليمية والعالمية في شتى المواقف. فقد كان يدعو دائماً للقمم، وتقريب وجهات النظر، ولم يكن يتوانى في إيجاد أي فرصة للحوار، كما نقتبس من قوله التالي: «إذا عقدت القمة العربية وحققت مكاسب فإن ذلك ما يريده العرب، وإذا لم تكن على مستوى الآمال والنجاح المطلوب فإن ذلك يكشف عن مواقع الخلل والضعف الراهن في الموقف العربي»، ويضيف في موقف آخر نقتبس منه: «إن أسلوبنا في العمل من أجل التضامن العربي يقوم أساساً على تهيئة المناخ المناسب وإجراء التشاور مع الأشقاء الذين يؤدون نفس الدور مادام الهدف واحداً والمصير واحداً».
وبناء على هذا الأساس، نجد أن مسألة استشراف حكومات المستقبل الذي هو محور نقاش القمة العالمية للحكومات، هو أيضاً من الأمور التي كانت محور تفكير المؤسس القائد الشيخ زايد، ولعل المهتم والمختص في المجال سيستشعر عمق وبعد نظر الشيخ زايد في وصفه لمفهوم استشراف المستقبل، حيث عبّر قائلاً: «إن الإنسان وهو يعمل تظهر له أشياء لم تكن موجودة وقت التخطيط، وإن الخطط توضع حسب ما يراه من أجل مصلحة الوطن، ودولة الإمارات مثل الإنسان الذي يقف تحت سفح جبل ويريد أن يصل إلى القمة، وقطع ثلث الجبل؛ لأنه في الصعود إلى القمة يقابل بوديان ومساحات من الأراضي عليه أن يجتازها بعد تعميرها، ثم يواصل الصعود بعد ذلك. ولذلك فإن كل شيء يخطط له حسب الواقع». يظهر وضوحاً أن القائد المؤسس الشيخ زايد لم يكن يقتصر على التفكير في الحاضر فقط، بل كان لديه رؤية استباقية تتجاوز الحاضر نحو تكوين مستقبل قوي ومستدام.
لقد استخدم المؤسس الشيخ زايد مثالاً قوياً يشير إلى التحديات التي قد يواجهها الفرد أثناء تحقيق أهدافه. وبرؤيته الحكيمة، قام بمقارنة دولة الإمارات بالإنسان الذي يسعى لتحقيق طموحاته ويصعد إلى القمة، وأشار إلى أهمية تقسيم التحديات إلى مراحل وتجاوزها بحكمة، مما يلقي الضوء على مفهوم التخطيط بالسيناريو واستشراف المستقبل. يُفهم من هذا أن كل خطوة في التخطيط واستشراف المستقبل تتطلب تحليلاً دقيقاً للظروف الحالية وتحديد الخطوات اللازمة لتحقيق الأهداف.
باستنباط مفهوم التخطيط بالسيناريو واستشراف المستقبل من ممارسات الشيخ زايد، يظهر وعيه العميق بأهمية التفكير بعيد المدى والتحلي بالحكمة في تحديد الطريق إلى المستقبل. يكمن في هذا المفهوم فلسفة تخطيطية تعتمد على الواقع وتحليله، مما يمكن الحكومات من اتخاذ القرارات الصائبة وتحقيق التنمية المستدامة. وبرؤيته الحكيمة والتي تعكس التزامه بتحقيق وحدة وتضامن العالم. في ظل التحديات الراهنة والمستقبلية. ويبقى توجيه زايد إلهاماً للقادة وزعماء ومفكري وفقهاء العالم نحو تطوير حكومات المستقبل.
التعليقات