>

نيوم هذه المدينة التي واعدتنا الأحلام فواعدناها التحقق.. تسابق الزمن في نشوئها وتخلّقها لتكون لنا كما ارتأيناها حالمين، وشرعنا بها واثقين.. حيث ننتظرها منارة الغد وأيقونة المستقبل على كل المستويات، وهي وإن كانت في ذهن الكثيرين بقعة حديثة مكتملة الجوانب الحياتية بطابع تقني بحت، إلا أنها في ذلك لا تتعارض مع كونها مدينة أحلام، وقبة حضارة.. ورائدة في مجالات الترفيه والثقافة، لهذا سأقف في هذه الإطلالة على أهم ملامح قدراتها الثقافية المتجددة، التي من شأنها أن تحدث تغيرا جوهريا في مفهوم الثقافة وأنشطتها حينما تأصّل الفعل الثقافي في أذهاننا كصور نمطية لا تتجاوز الأنشطة التقليدية، حيث المنابر والمتحدثون وما اعتدنا على تسميته نشاطا ثقافيا متكررا لا نزهد فيه، لكننا كذلك لا نأمل منه أكثر مما يقدر عليه في هذا العصر، لهذا أجزم على أن نيوم قادرة في الغد القريب على ما هو أكثر من كل ذلك حينما نستثمر في إمكاناتها التقنية من أجل خلق وابتكار ثقافة جديدة تسد الفجوة بين الترفيه والثقافة بل وتمزج بينهما بصورة تتماهى مع طبيعة المدينة وطموح ساكنيها وزائريها معا، وتفتح لنا بالتالي عبر رؤياها الحديثة آفاقا ثقافية نوعية جديدة، وابتكارات غاية في الأهمية والتنوع والثراء المعرفي.

إن مدينة كنيوم -وليس هناك مثلها بعد- بكل ما تعدنا به من عالم جديد قوامه الإنسان المعاصر الذي يستثمر يومه ويسبقه إلى الغد، بل ويختط له ما يتفاعل معه وما يؤثر فيه، من شأنها حتما أن تقدم لنا أنماطا ثقافية مبتكرة تؤسس لثقافة تنويرية جديدة تقرأ حقيقة عصرها وما ينبغي عليها لتدركه بما يليق به، تماما كما تؤثث في غدها مكانا لائقا بها لا يتجاوزه الزمن ولا يغفل عن قراءة التاريخ من جهة واستشراف المستقبل من جهة أخرى، فضلا عن كونها مدينة عالمية موعودة بزوار نوعيين حالمين من شتى أصقاع المعمورة مما يتيح لها القيام بعملية تمازج الثقافات المتعددة وتلاقحها وازدهارها بل وتمكينها من خلال قدراتها التواصلية المبهرة كما هو مخطط لها وكما ستكون عليه إن شاء الله.

إن العالم اليوم وإن تباينت لغاته وتعددت أجناسه وتفرّقت مذاهبه سيجتمع حتما على أرض السلام في هذه البقعة الضوئية المتفردة ليشيع معرفته وينقل تجاربه وتعاملاته مع ابن هذه البلاد الذي استطاع أن يثبت له قدرته على أن يحمل مشعل الحضارة العصرية بكل أبعادها المعرفية، ولكي يتحقق كل هذا فإن الشعوب كل الشعوب بحاجة ماسة لقائد تنويري كما هو شأن قائدنا الملهم سمو سيدي ولي العهد محمد بن سلمان -أيده الله- كي يأخذ بيدها نحو إعمار الأرض مستثمرا قدرات إنسانها المعاصر، ومراهنا على ثقته المطلقة بأبناء وطنه وتميزهم، ثم يحلم بهم ولأجلهم بمدينة يطلق عليها (نيوم) بكل ما يحمله الاسم من أبعاد لغوية غاية في التأويل المدهش والوعد الصادق ليشرع بتنفيذ رؤياه وتحقيق أحلامه حتى نقف اليوم معه على عتبات بابها الكبير.

حفظ الله بلادنا وأدام علينا نعمة القيادة الإنسانية الملهمة، وإلى غد حضاري أجمل في مدينتنا التي واعدتنا الحلم، فجعلناها حقيقة نتباهى بها...