خُصوصيّة المملكة العربية السعودية وشعبها مُتلازمان كجبالها الشُم وأوديتها ورمالها السُمر؛ فالشعبُ مُحب لوطنه وإرثه، مُتماسِكٌ اجتماعيًا، متوادٌ مُتراحِم، أخذ بالحديث: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وكذا الحديث: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»، وتطبيقًا للآية الكريمة: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» (آل عمران: الآية 103). فتماسك الشعب السعوديّ مُتوارَث جيلاً عن جيلٍ، وكابراً عن كابر، وتماسكه خالدٌ تالِد، ويؤكّد ذلك ما جاء بالنظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية بمواده التاسعة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة؛ إذ جاء فيها أنّ «الأسرة هي نواة المجتمع السعودي، ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله، ولرسوله، ولأولي الأمر، واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن، والاعتزاز به وبتاريخه المجيد»، و»تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم»، و»يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم»، و»تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة و الفتنة والانقسام». الشعب السعوديّ مُتيّمٌ في حُبِّ تُرابِ وطنه. وليس بالعسيرِ سردُ الأمثلة على قوّةِ وتماسك لُحمة المملكة العربية السعودية، فخلال مسيرة المملكة بعُسرها ويُسرها، ومجتمعها شيبًا وشبابًا يُسقي ثراء وطنه بدمه وعَرَقه، كما فعلَ المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ورجاله. ينبئك بهذا التاريخ، فحربُ الوديعة في العام 1969، أظهرت التماسك الاجتماعيّ والوعي بأهميّة تراب الوطن وقيمته. وتجيء حرب الخليج في العام التسعين الميلاديّ؛ فيهب كل أطياف المجتمع ملبية النداء؛ وذلك حينما سَمِعوا من قائدهم وملكهم عبارته المشهودة المعهودة ذائعة الصيت «تعودُ الكويت، أو تذهب السعودية مع الكويت»؛ فيتطوع المتطوعون، ويتبرع المتبرعون، ويهتف الهاتفون، يفدون وطنهم بما غَلَى ونَفَس. وتبتلى المملكة العربية السعودية بحربٍ في جنوبها؛ فيهب الشمال دِفاعًا عن الجنوب، وكذا الغرب والشرق؛ كوّنوا يدًا واحدة، بقيادة واحدة وبنفسٍ واحد وإرادةٍ واحدة؛ فجبال جنوبنا الأشم وترابه تفديه النفوس والأرواح، ويرددُ الجميع «عازمونَ حازمون»، مع قائدهم وقائد مسيرتهم، قائد الحزم والعزم. فالجميع سدٌ منيع ضد من تسوّل له نفسه، وأصبحَ المواطن هو رجل الأمن الأول. ويأتي الربيع العربيّ؛ فيكون الشعب السعوديّ المثلُ الأعلى في حبّه لوطنه والدفاع عنه وعن مقدراته ومكتسباته، والعين الساهرة على ترابِ وطنه. وتثبت أزمة كورونا (كوفيد-19) أن مجتمع المملكة مجتمعٌ يضع يده مع قائده ومع بلاده، يأتمر بالأمر، يسمع ويطيع، فبكلمةٌ واحدة تجد أنّ الجميع أصبحوا في خندقٍ واحد، لا غرابة فاللحمة واحدة والمصير مشترك. يتواصلون عبر وسائل الاتصال، يشدون من أزر بعضهم، ويتبادلون الضحكات، يتسلونَ بها داعينَ الله أن يحفظ البلاد وولاة أمره... اللحمة الوطنيّة والتماسك الاجتماعيّ بُنيَ على ثوابت أولاها الدين والوطن والملك. ديننا يحثُ على التآخي والمحبة والتواد؛ ويأمر بالمروءات؛ فالتعاطف والإيثار والعون والمساعدة وصلة الرحم ركائز أساسية في المجتمع السعوديّ، وطاعة ولي الأمر من المُسلّمات. وتُثبت الأيام أنّ لحمة المملكة العربية السعودية فريدةٌ متفردةٌ، ولِمَ لا؛ حيثُ أنّ تلكم اللحمة تالدةٌ منذُ تأسيس المملكة العربية السعودية على يدِ مؤسسها المغفور له -بإّن الله- الإمام محمد بن سعود، مرورًا بالدولة السعودية الثانية، إلى أن وُحّدت على يد موحدها المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، فالأجيال الثلاثة، أو المراحل الثلاثة شاهدةٌ على أنّ شعب المملكة العربية السعودية يحمل جيناتٍ راسخةٍ في حبِّ الوطن وولاة أمره، ولحمته الوطنية الخالدة التالدة. وما تحقيق الشعب السعودي المرتبة الأولى عالميًا بالتماسك الاجتماعيّ إلا تأكيدٌ للمؤكّد، فهوَ هكذا، وسيظلُّ بإذن الله مؤمنًا بدينه ووطنه وملكه، شعبٌ يفتخر بلحمته الوطنية؛ كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- «نفتخر ونعتز بلحمة ووحدة وطنية ومكانة دولية مميزة».
- آخر تحديث :
التعليقات