يبدو أن أوروبا أصابت دولها عدوى التغيير في أنظمة الحكم كما في العالم الثالث، فبدأت الانقلابات في انتخابات يمكن تفسير نتائجها على أنه نوع من الملل الذي أصاب شعوب هذه الدول ممن سبق وأن تم انتخابهم ليديروا دفة الحكم.

* *

فرأينا نتائج الانتخابات في كثير من الدول الأوروبية، وآخرها بريطانيا وفرنسا، ما شكّل منها الانطباع على أن المستقبل يوحي بما هو أكثر مما حدث، ما لا يمكن فهمه إلا أنه خلل غير مقبول داخلياً في السياسات الداخلية والخارجية التي تسير عليها هذه الدول.

* *

وإذا كانت الدول الأوروبية توصف بأنها ترتبط بحلف تاريخي مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الصحيح أنها تابعة لأمريكا، بما لا قدرة لها في الخروج عن سياساتها، وهو ما أضعف دورها، وكبّل سياساتها بما لا غنى لها عما تراه وتقرره السياسة الأمريكية.

* *

إن الموقف الأوروبي من حرب غزة، وحرب أوكرانيا يعطي دليلاً ومؤشراً على أن المجموعة الأوروبية تنقاد عادة إلى ما ترسمه لها الولايات المتحدة الأمريكية من سياسات، حتى أصبح الانطباع أن هذا يتم مقابل الحماية الأمريكية لأي خطر قد يهدد القارة العجوز.

* *

لكن وإن تسلّم حزب العمال السلطة في بريطانيا، واليسار في فرنسا، فلا أعتقد أن جديداً سوف يستجد على السياسة فيهما إلا بقدر ما تمليه أمريكا على كلٍّ من الدولتين، وربما اقتصر التغيير على الشأن الداخلي، وأيضاً لن يكون هذا التغيير وإن كان بالداخل مفتوحاً.