لا أحد ينكر ولا ينازع أو يشكك، في الحاجة للعلاقات الاجتماعية، بل أهميتها وكونها جزءاً أساسياً من حياة الإنسان، لأنها تقوم بدور مهم في تشكيل الشخصية، وتمنحنا التجارب الحياتية، التي نحتاجها في حاضرنا ومستقبلنا. والأصدقاء هم من أهم مكونات هذه الحياة الاجتماعية، ولا نبالغ عند القول إنهم السند النفسي، وهم من يشاركنا السعادة أو الحزن، بل هم من يسهمون في تجاوزنا للتحديات والصعوبات، ولا يترددون في تقديم النصح والإرشاد والتوجيه. ودور الأصدقاء في حياتنا بالغ الأهمية، وكبير، وبالتالي فإن أثرهم فينا أيضاً، واضح وكبير، لذا من الأهمية الحذر والتنبه عند اختيار من تصادق، ومن يكون رفيقك المقرب خلال مسيرة الحياة.

لأن هناك مفهوماً يسمى بالصديق السام، وأعطي هذا الوصف، لأن السم، يتم بطريقة خفية، ويدخل لجوف الإنسان، ومن هناك يبدأ بالتسبب في موته، والصديق السام، كأنه يشبه السم في اختفائه، وفي أثره المميت، والذي يبدأ من الداخل. فالصديق يعرف كل جوانبك وأسرارك، ونقاط ضعفك، وقوتك، وبالتالي عندما يريد إيقاع الضرر، فإنه يعرف من أين يبدأ. ويمكننا التعرف إلى الصديق السام، من خلال سلوكيات عدة يمارسها، مثل النقد الدائم، فهو لا يرى إلا النواقص، ويوجه الانتقادات دون توقف، ويتبع نهجاً قاسياً في الكلمات التي يوجهها. وهناك الصديق الذي يعاني الحسد وتلبسه مشاعر الغيرة، مع كل إنجاز أو نجاح، وبالتالي تجده يقلل وينتقص. وهناك الصديق الذي يحب أن يفرض سيطرته ويتحكم في قراراتك، ويظهرك أمام نفسك وكأنك لا تملك اتخاذ أي قرار صحيح دون اللجوء إليه. ولا ننسى الصديق الذي يحوّل كل شيء إلى مشاكل، وكأنه في حالة مستمرة من الخصام والنزاع مع الآخرين. وهناك نوع من الأصدقاء السامين، يجب الحذر منه، هو الذي لا يحترم الجوانب الشخصية، وتجده يتجاوز سياج الصداقة، ويتدخل فيما لا يعنيه، أو في جوانب أسرية وعائلية، ليس معنياً بها لا من قريب ولا من بعيد. وهذا هو الذي ينتهك الشؤون الخاصة، ويفرض رأيه ووجهة نظره حولها. ولا ننسى من يمارس الاستغلال ليحقق مصلحة شخصية، وفي اللحظة نفسها لا يقدر مجهودك، وتجده يطلب المزيد، في اللحظة التي لا يقدم أي شيء. وهناك أنواع كثيرة من الأصدقاء السامين، ومع كل هذا تبقى الصداقة ثمينة، نقية، نحتفي بها، ونقدرها، ومنزهة عن بعض السلوكيات الخاطئة.

www.shaimaalmarzooqi.com