لو سألت الشعب الكويتي عن الحدث الذي لا يستطيع أن ينساه، فإن السواد الأعظم منه سوف يقول إنه فترة الاحتلال العراقي الغاشم والجرائم التي حدثت، لأن شعب الكويت مسالم بطبعه.

وعندما أتذكر مع أصدقائي تلك الحقبة حيث إنني كنت أسيراً وكان معنا النائب الوزير أحمد باقر، كما كنا نتذكر الخنجر الذي ضرب القومية العربية التي ما زلت أؤمن بها رغم أنف المنحرفين فكرياً من العرب وما أكثرهم.

فلقد صدمنا بالحكومات العربية التي ساندت طاغية بغداد، كما فرحنا بالحكام العرب الذين ساندوا الحق الكويتي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى جمهورية مصر العربية والجمهورية العربية السورية بينما كانت الجمهورية اللبنانية أول دولة تدين الاحتلال، إضافة إلى المملكة المغربية.

وهناك حكومات عربية وقفت معنا إنما بعض شعبها وقف ضدنا بدءاً بالقوميين مروراً بالشيوعيين وانتهاء بالتيارات الدينية، الأمر الذي وضع فرعها الكويتي في موقف حرج يندى له الجبين.

ولا ننسى أن حركة حماس ساندت الكويت رغم انتمائها السابق إلى تيار وقف مع طاغية بغداد، كما أن بعض منظمة التحرير الفلسطينية ضمت أعضاء وقفوا مع الكويت إلا أن صوتهم كان خافتا تحت وطأة صوت ياسر عرفات.

ولا ننسى بعض العراقيين والفلسطينيين الذين قدّموا المساعدة للشعب الكويتي قدر استطاعتهم إلا أن بعضهم كان فرحاً بالاحتلال، والأمر نفسه متصلاً ببعض رموز القومية العربية أمثال جورج حبش ونايف حواتمة وآخرين.

ولم يكن موقف المثقفين العرب أفضل حالاً ممن سبق، فقد صفق البعض منهم إلى صدام حسين وصمت البعض الآخر مثل نزار قباني، والشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح، وربما يمكن لرابطة الأدباء أن تزودنا ببقية الأسماء من الأدباء ومواقفهم وأيضاً الصحافيين منهم محمد حسنين هيكل، ما أحرج محبيه الكويتيين وكذلك بعض الصحافيين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون بين ظهرانينا فطعنونا للأسف وتم إبعاد أحدههم بعد التحرير مباشرة! ويمكن لجمعية الصحافيين الكويتية أن تزودنا بمواقف أشهر الصحافيين العرب، لكن كلنا نذكر الموقف المشرف للشاعر الدكتور غازي القصيبي، وكأنه مواطن كويتي، وكذلك الدكتور محمد حسن عبدالله، الذي خدم الثقافة الكويتية وتلك الأسماء للذكر وليس للحصر.

ولم ننس الدور المشرف الذي ظهر به فنان العرب محمد عبده، وقد غنى سلسلة من أغاني الحرب وكذلك طلال مداح، وأحمد الجميري، وأنغام، وهناك أسماء أخرى من الفنانين في مقدمهم الفنان الراحل يوسف شعبان الذي وقف مع الكويت بينما كانت الفنانة السورية رغدة، تقف مع صدام ومعها مجموعة كبيرة من الممثلين المصريين.

وبالنسبة للفنانين التشكيليين فإن معظمهم وقف مع موقف حكومته وإن كان موقفه الشخصي عكس موقف حكومته، ناهيك عن بعض الذين كانت لديهم قناعات أيديولوجية فانضم إلى جماعة والتي تنص على أنه ضد احتلال العراق للكويت، ولكنه ضد وجود القوات الغربية لتحرير الكويت وكأن هناك قوة عربية قادرة على إخراج صدام من الكويت.

وبالطبع، نعيد تقديم الشكر للأمم المتحدة ولكل دول العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبقية الدول الأوروبية، وكندا، وكذلك اليابان التي شاركت رغم بعض القيود القانونية فكانت مشاركتها استثناء لا ينسى، وبقية دول العالم في قارة أميركا الجنوبية وأستراليا وافريقيا وآسيا من الدول الصديقة.

وكم تمنيت لو قامت جهة ما في الكويت برصد أسماء السياسيين والأكاديميين والمطربين والممثلين والصحافيين الذين وقفوا مع الحق الكويتي والذين وقفوا مع صدام حسين، وإقامة معرض ثابت ليكون شاهداً أمام من يزور الكويت ومصدراً موثوقاً للأجيال القادمة لأننا لن ننسى الاحتلال.

همسة:

الاحتلال جزء من تاريخ الكويت المعاصر الذي يجب دراسته بتمعن.