أسهل حاجة في الدنيا هي ألا نفكر، أن نقتنع، أن نتبع. فيجد الإنسان نفسه يقتنع بكل شيء دون تفكير ويتبعه. أكثر شيء مقنع هو تجربة الآخرين، فهي الدليل الذي لا يقبل الشك. حينما ترى (ما قبل وبعد)، تصبح الصورة مقنعة. كل الذين جربوا الأشياء، فعلوا ذلك على ضوء اقتناعهم بنتائجها. إمّا عن طريق صديق، أو دعاية أو رسالة لا يُعرف مصدرها. أكثر النصائح والوصفات الطبية غير المصرح بها، موجهة لأولئك الأشخاص الذين يعانون، ويريدون حلًا سحريًا وسريعًا لمشكلتهم، كالمصابين بالسمنة والمتعبة بشرتهم، أو من يعاني من أمراض مزمنة. كثير من العلاجات يتداولها الناس، وصفة لكل معاناة، رأيت صيدلانية تصف لمتابعيها خلطة تعتمد على الملح الإنجليزي يتناول على مدار اليوم لتقليل الشهية وفقدان الوزن، بغض النظر عن الحالة الصحية. ما ينفع أحدا قد يضر آخر، لا أعرف كم عدد ضحايا وصفتها!. أحدهم طلب من أب إخراج طفلته من العناية المركزة، لكيها، لأن الأطباء لم يعرفوا علتها حسب وصفه. تساءلت لو أنه تم إخراجها وكيها، هل ستعود للمستشفى مشيًا على أقدامها أم محمولة! لا أحد يستطيع التكهن بمصيرها، ولكن بكل تأكيد لو خرجت من المستشفى ستكون أسوأ بكثير. الكريمات والخلطات التي يعدها غير المختصين، من الممكن أن تسبب ضررًا للبشرة، لا تعالجه أدوية الأطباء بعد ذلك. لا أعرف كيف يستطيع إنسان استخدام علاج لا يعرف مكوناته! إحدى النساء تبيع خلطات للنساء لزيادة الخصوبة وتنظيم هرموناتها، هي غير مختصة، العبوة ليس عليها مكونات، رغم أن هيئة الدواء والغذاء تحذر من أي دواء أو مركب غير مرخص. العبوات الملونة والصور الجذابة والتعليقات المضللة التي أحيانًا كثيرة يشتريها أصحاب المنتج للتسويق، لا تكفي، لا بد من وجود تصريح من هيئة الدواء والغذاء، وأي خلطة عشبية لعلاج مرض مزمن كالضغط أو السكر ضررها أكثر من نفعها، لأن الشخص الذي يتناولها يظن أنه يتعالج، بينما هو لا يفعل ذلك، وكأنه دواء وهمي placebo. الدواء الوهمي أقل ضررًا لأنه لا ينفع ولا يضر، إنما هذه العلاجات مضرة، تؤخر التشخيص، فتحدث مضاعفات المرض. أصبح الوصول للوصفات أسهل مما نظن، لا يحتاج الذهاب لمعالج أو عيادة، بل عند أطراف إشارات الأصابع. المسوقون على كل منصات التواصل الاجتماعي، وكملاحظة، أعداد المتابعين كبير في مثل هذه الحسابات، وكلما كثر عدد المتابعين، كلما كان أكثر إقناعًا بنفعه. وكثير من الوصفات يتداولها الناس على الواتس آب، فيضيع مصدرها الأساس. لكن ماذا لو تضرر أحدهم منها، أصيب بتليف في الكبد أو سيولة في الدم أو ربما بهاق وترقق في البشرة، من هو الجاني؟! كيف تتمّ مساءلته؟ قال رسول الله (من تطبب فأصاب نفسًا فما دونها، فهو ضامن)، فكيف يمكن معاقبة من يسوق لوصفة غير مصرحة! لا بد من تقنين محتويات محلات العطارة، فليست كل عشبة آمنة. يجب الوقوف على الحسابات المسوقة لخلطات غير معروفة، بالذات الخلطات النسائية والتجميلية وتلك التي يزعم أصحابها أنها تنقص الوزن. أن يموت الإنسان فهذا مصير معروف، لكن أن يقتله جهل آخر فهذا ذنبٌ عظيم وجريمة يجب أن يعاقب عليها القانون.