ناهد الأغا

لطالما تكررت مفردة الموضة بكثرة على ألسنتنا، ولو توقفنا لبرهة عند معناها لوجدناها بالمفهوم العام تعني.. شكلا أو نمطا من أنماط التعبير عن الاستقلالية للذات في زمان ومكان معينين؛ وفي مسار يتماهى مع شيء محدد درج فيهما.. وقد تكون الموضة في شكل الحياة: الملابس، الأحذية، المكياج، الإكسسوارات، وتسريحة الشعر، كذلك ربما تكون في الاستخدام اليومي..

فالموضة بتعريف أقرب لها تعتبر ممارسة أو نمطا شعبيا خاصا بالملابس: العطور، الأحذية، الزينة أو الأثاث.. وقيل إن الموضة توجه اعتيادي ومميز في شكل لباس شخص ما.. لكن جرت العادة أن يرتبط مصطلح الموضة غالباً بالألبسة وموديلاتها وتصاميمها..

وعلى هذا فإن الموضة بالمقابل تتيح للآخرين اختزالا لاستقراء مرآة الموقف الاجتماعي بابتكار عال.. وكما هو متعارف لوصف شيء ما قد يتناسب أو لايتناسب مع النمط الشائع للتعبير، وهي تستعمل جملتين أو مصطلحين في هذا السياق ألا وهما «عصري» و»غير عصري»...

والموضة تتخذ أشكالاً متنوعة وعلى نطاق واسع، ليس فقط أزمان وفترات متفاوتة ومتعاقبة؛ إنما يمكن أن يطرأ التنوع في نفس الجيل على اختلاف الطبقات الاجتماعية، الأعمار، والمكان والمهن..

ولأن الموضة بطبيعة الحال حدث يتغير بشكل مستمر ولا يتوقف عند نمط معين وتبعاً للسلوك الاجتماعي، فإن تطبيق الموضة على الملابس يجري دائماً بتسارع أوسع من المجالات الأخرى.. لذا نلمح كل جزء من الهندام العام يكون طوع الموضة من الشعر والمكياج والاكسسوارات وطول وقصر التنانير؛ فالتغيير يعم جميع الجزئيات ولايبقى شيء على حاله؛ لأنه يعتبر الأساس والقوة المتوهجة التي تحدد إذا كان العنصر ضمن إطار الموضة أو خارج إطارها.. أو ربما إعادة النظر لشيء ما إلى الموضة..

ونظراً لأهمية الذوق وتنوعه واختلاف مشاربه فإن ذاك التنوع تجلى في مسائل عديدة، وعلى رأسها ما يخص «الأزياء» وتأتي أهمية ذلك.. كون «الزي» يعتبر الواجهة أو كما يطلق عليه بالمفهوم الشائع «الطلة» التي يظهر بها شخص ما؛ ويكون «الزي» الذي يرتديه مرآة.. لذوقه الجمالي الخاص.. التي من خلالها معرفة هويته الشخصية واكتشاف مدى ارتباطها بالأعراف الاجتماعية والقيم الأخلاقية..

فالتاريخ البشري والإنساني شهد منذ نشأته وعلى مدى أجيال متعاقبة تنوعاً بين جميع المجتمعات المختلفة، وقد يصل الاختلاف حتى ضمن المجتمع الواحد بنظرته للجمال والأناقة وترجمة ذلك من خلال التعبير عنهما..

وبما يتماهى وينسجم مع أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2023 لتطوير القطاعات الثقافية وتنوع المجالات الاقتصادية؛ ولأن هدف هيئة الأزياء السعودية جعل المملكة محطة مهمة جداً في مجال صناعة الأزياء وتصميمها ودمجها في السوق العالمية؛ فقد أطلقت الهيئة واحدة من مبادراتها الإبداعية وهي «أسبوع الموضة في البحر الأحمر» ويأتي على رأس هذه المبادرة هدف طموح ألا وهو السعي بتحويل المملكة إلى مركز للأزياء الفاخرة والتبادل الثقافي في هذا المجال؛ وذلك عن طريق تقوية التواصل وتعزيزه مع وسائل الإعلام ومع المشترين العالميين..

فكان إطلاق فعاليات النسخة الأولى من «أسبوع الموضة في البحر الأحمر» يوم 16 مايو المنصرم حيث امتد على مدى ثلاثة أيام.. اليوم الأول كان عرضاً افتتاحيا؛ تلاه يومان، كانت حبلى بفعاليات جانبية وعروض أزياء تضمنت باقة من المجوهرات والملابس الجاهزة والأزياء الفاخرة وعلامات تجارية وبراندات لمصممين سعوديين وعالميين رسموا في توقيع أزيائهم عناوين الإبداع والابتكار..

وهيئة الأزياء السعودية من خلال مبادرتها المهمة «أسبوع الموضة في البحر الأحمر» بنسخته الأولى؛ إنما تؤكد وتصر على الغاية المرجوة والطموحة، وهي تسليط الضوء على الاحتفاء بالتراث الثقافي المتنوع للمملكة والذي يضج ثراء وعلى تعريف مشهد الأزياء بكل ابتكاراته.. وذلك من خلال خلق مجتمع أزياء يمتلك جاذبية عالمية وحركة ديناميكية تجعل من المملكة وجهة عالمية للموضة فضلا عن دعم ورفد الاقتصاد الإبداعي للمملكة..

وقد شارك 21 مصمم أزياء عربيا ودوليا في فعاليات «أسبوع الموضة في البحر الأحمر» .

ولعل ما يميز هذه الفعالية الإبداعية «أسبوع الموضة في البحر الأحمر» بروز دور المصممات السعوديات، وعلى سبيل المثال لا الحصر المصممة المبدعة «تيما عابد» التي أطلقت مجموعتها الراقية؛ حيث جمعت من خلالها بين تقنيات التصميم والتطريز المعاصرة والمستلهمة من التراث السعودي وبين أصالة تاريخ السعودية الحافل بالعز والفخر سكبته بخلطة سحرية عنوانها الإبداع والابتكار، ومزجته بكل مهارة بمياه البحر الأحمر المتلألئة ألقا؛ فكانت طفرة سعودية استثنائية، وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على دور المرأة السعودية المميز الذي اكتسبته من مزايا رؤية المملكة العربية السعودية 2030؛ لتشارك بحضارة أكثر تطوراً وتتقدم قريناتها من حضارات العالم المتمدن.