عبد الله سليمان الطليان

نندفع في تحقيق رغبات النفس الجامحة نحو حب التغيير أو الخروج من دائرة الفراغ المملة التي تطبق على الكثير بطواعية أو بالعكس. المهم أن العامل الأبرز ينصب في البحث عن التغيير الذي يأتي أحياناً على حساب الإمكانيات المتاحة والتي يمكن أن تكون محدودة لكن تيار التقليد يجرفها فتغرق في الاستهلاك بشكل عشوائي ومن غير وعي وبدون تقدير العوامل المترتبة على ذلك، والذي أصبح صفة مميزة هي التي تعبر عن ثقافة قشرية فعندما تواجه الحقيقة فإنها تذوب ليبقى الواقع الذي ينم عن جهل يرتكز على استمتع بالحياة». فتجد في الغالب أنها فارغة همومها الفكرية سطحية منصبة على كيفية معرفة نطق الوجبة السريعة وحفظها ومعرفة مكوناتها وهذه سمة منتشرة يتباهى بها الكثير ويصف من لا يعرفها بالجاهل ومع الوقت تراكم لديها الغرق في المظاهر والإسراف المفرط وغاب التعامل الأمثل مع واقع الحياة لبناء جيل يقدر ويستفيد مستقبلاً فأصيبت بداء الاستهلاك الذي يجلب الرفاهية فقط من دون أن يصنع الاكتفاء أو رفع الإنتاجية، وهذا تجسيد لواقعنا الذي نعيشه والذي يمثل شريحة واسعة، لقد تغيرت المعالم من حولنا وصارت تبهر الأبصار في معانقة العصرنة ولكن لم تغيرنا من الداخل من حيث الوعي ورسم ثقافة ترتقي إلى المسؤولية، فالهدر ما زال مستمراً مادياً وبشرياً نعطي لأنفسنا الفخر في التملك ولكن يغيب عنا الفهم الصحيح لما تملك من وسائل متقدمة نسأل من المسؤول ومن الذي يتحمل المسؤولية؟ سؤال إجابته تضيع في متاهة رميها من فرد إلى آخر فنظل نبحث ولكن دون جدوى ولا معنى، والسبب يكمن في النظرة القصيرة الأمد والتي توجد عند الكثير وهي تغليب المصلحة الذاتية على المصلحة العامة وبنسبة عالية يضاف إليها وهذا الأهم سيطرة الأفكار المتراصة والمخزنة في عقلية الفرد والتي في أغلبها ذات منبع أسري وقبلي تقوم في مجملها على التقليد بحثاً عن التميز.

ومع المعطيات السابقة تنجلي صفحة الحقيقة في أننا مجتمع استهلاكي سطحي يبحث في المظهر أكثر من الجوهر الذي لم يعط القدر الكبير من قبلنا من الاهتمام ولا ترى بوادر تشجع ذلك بل إن وتيرة هذا النمط من الاستهلاك تزداد أكثر وأكثر بمساعدة عوامل العرض المبهرة التي تسيطر على عقولنا وأجسادنا التي هي عنوان عصرنا الحاضر ساعده وجود فجوة واسعة من الجهل بالنوعية أدى إلى الاستغلال والجشع الذي جعل من واقعنا محطة تجارب قد تبدو أحياناً خطرة على المستهلك، لهذا متى وكيف يمكن أن تتحسن تلك الصورة التي نعيشها وتوجد نظاماً ينطلق في الأساس من داخلنا يقوم على التثقيف الاستهلاكي ينطلق من التطبيق الفعلي في داخل محيط الأسرة بحيث يكون هناك توازن في الطلب ووفق ما تقضيه الحاجة فهل من الصعب تحقيق ذلك؟

لا يبدو أن الأمر في غاية الصعوبة ولكن يتطلب جهداً وعزيمة لا تستند فقط على الطرح والدعاية، بل يجب أن تكون سلوكاً مطبقاً في الواقع وإن كان التعليم هو بداية هذا التثقيف فيجب أن يكون شاملاً ولا يقتصر على معالجة جانب واحد وبهذه الحالة فإن ما نطمح إليه يهدر في جانب آخر، لذلك يستوجب النظر بشمولية واسعة من أجل كبح ذلك الاستهلاك العشوائي.