ميسون أبو بكر

«سيرة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في استصلاح الرجال» هو الكتاب القيم الذي وصلتني نسخة منه كإهداء خاص من الأمير المثقف د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير القصيم؛ حيث نهج أبناء وأحفاد المؤسس الملك عبدالعزيز (الذي شغل الدنيا) على اقتفاء سيرته ومآثره والاقتداء به، والأمير المفكر والباحث د. فيصل عرف عنه جهده في البحث والكتابة واستقطاب أهل الثقافة والفكر والعلم في مجلسه الذي خصص إحدى جلساته في قصر التوحيد في بريدة للحديث عن نهج المؤسس في استصلاح الرجال الذي أثمر عنه الكتاب الذي قدمه الأمير وشارك في تأليفه د. محمد السلامة ود. سليمان العطني والأستاذ د. أحمد البسام وراجعه أ. د. خليفة المسعود.

المؤسس الذي نجح في تأسيس شخصية متميزة للمملكة العربية السعودية استطاع بصيته وأثره وشهادات من عاصره سواء ممن حوله أو ممن اهتدوا بمنارته أن يستقطب المفكرين والمستشرقين الذين سافروا إليه وواكبوا صنيعه وكانوا ممن لازمه ولازم مجلسه ثم بعد ذلك قرأنا تاريخه من تجاربهم وأقلامهم، وقد كنت حقيقة منذ نعومة أظفاري مأخوذة بذلك الشاب الذي وقف على حدود الرياض ذاهباً للكويت واعداً نفسه ورجاله أن يعود ذات يوم ليوحد البلاد.

معالي سامي النصف في لقاءاتي المصورة معه سرد من سيرة الملك عبدالعزيز ما عرف عنه وما أخبرته به والدته وجدّته التي التقت بوالدة الملك في الكويت، كما وأشار النصف أن توحيد المملكة لم يأتِ بالخير فقط داخل حدودها بل جلب الأمان والاستقرار للمنطقة بأكملها.

بالتأكيد لبلد بمساحة قارة كانت هناك إرهاصات كثيرة وأحداث ليست مفاجآت إنما هي مخاض توحيد مساحة كبيرة جمعت أقطاباً وانتماءات مختلفة وأفكاراً قد لا يوافقها الوضع الجديد، لكن سلطان نجد والحجاز كان للعفو العام الذي أعلنه أثره الكبير في تبديل وفاء الرجال ( ورد في الكتاب) فتبدلت أحوالهم من العداء إلى المحبة ومن الغضب إلى الرضا وما لبثوا أن عادوا طائعين مبايعين شاهدين على عصره، كما كان لسياسته عظيم الأثر في جذب العديد من الرجال من خارج الجزيرة العربية ممن استبشروا برجل رأوا فيه قائد المستقبل العربي بما لديه من الصفات الحسنة والمنهج الواضح والحكمة.

وأنا التي لطالما اقتفيت أثر ذلك الرجل الفذ ودرسته لأبنائي في المناهج المدرسية التي عُنيت بسيرته وبالأجيال التي تأتي من بعده متشبعة ببطل سطر التاريخ ذكره وأثره؛ لذلك طربت للندوة التي وثقها الكتاب الذي عم بمحتواها فضاءات تعدت مجلس الأمير العامر في قصر التوحيد إلى كل من قرأ الكتاب ووصل إليه.

ولعل نهج المؤسس هو نهج أبنائه وأحفاده من بعده، الذي نراه ماثلاً في سياسة قادة هذه البلاد، وهو القدوة الذي رسم الطريق لشعبه الذين وصفهم الأمير محمد بن سلمان بشعب طويق الذين أنهم يشبهون صلابته وصموده وإصراره، وفي كتابي «عشرون عاماً.. رحلتي مع الإعلام السعودي» فيه صور ماثلة وحكايات أوثقها مع أبناء وأحفاد الملك كان لها الأثر البالغ في مسيرتي ورسالتي الإعلامية التي حملتها داخل البلاد وخارجها والتي اتكأ عليها باحثون فرنسيون في كتب ومواقف لهم.

رحم الله الملك الباقي وإن رحل للدار الآخرة إلا أن داره وبلده في دنيانا بقيت منارة لكل من قصده واستهوته سيرته ومشواره وصفاته وأثره.