لم أر سائحاً مستعداً لأن يجازف بأمنه وبإمكانية تعرضه للإهانة والمعاملة السيئة مقابل أن يقضي الصيف في مكان بارد وبه خدمات ذات جودة عالية كما هو السائح الخليجي!

السائح الخليجي مستهدف في معظم دول أوروبا، وفي تركيا، ومع ذلك السائح الخليجي يأتي في المراتب الأولى بتلك الدول ويصرف أضعاف ما يصرفه أي سائح آخر.

ففي بريطانيا، صرحت «هيئة السياحة البريطانية» بأن متوسط إنفاق السائح الخليجي يبلغ 2150 جنيهاً وذلك ثلاثة أضعاف أي سائح آخر.

في ألمانيا أنفق السائح الخليجي 2.1 مليار يورو عام 2023.

في تركيا ينفق السائح الخليجي 10 أضعاف السائح الروسي والأميركي وفقاً لمستشار «حزب العدالة والتنمية» ياسين أقطاي.

قس على ذلك فرنسا وإسبانيا، وفي كل تلك الدول حصلت جرائم ضد عدد من السياح الخليجيين، وتعرضوا لسوء معاملة وسرقات وعمليات نصب، ومع ذلك يصرُّ السائح الخليجي على أن يختار تلك الواجهات في الصيف، حيث تبدأ رحلة الطيور المهاجرة الخليجية لأوروبا.

بالرغم من أنه لم تعد سمعة أوروبا أو بريطانيا السياحية كما كانت في السابق؛ ارتفاع درجات الحرارة وغلاء الأسعار وسوء المعاملة وارتفاع معدل الجريمة، بدأت تفقدها رونقها السابق، إلا أن أوروبا وتركيا هما وجهاته المفضلة.

صحيح أن الخليجي بدأ يتجه شرقاً لروسيا ودول شرق آسيا، فارتفعت نسبة السياحة الخليجية في روسيا، على سبيل المثال، حيث أشار وزير التنمية الاقتصادية الروسي إلى أن مواطني دول الشرق الأوسط يزورون روسيا بشكل نشط، وقال إن «عدد السياح من المملكة العربية السعودية زاد بواقع 12 مرة، فيما صعد بنحو 6 مرات من سلطنة عمان والكويت، أما من الإمارات فقد زاد بواقع 4 مرات وبالوتيرة نفسها صعد من الصين».

إنما السؤال هل عجزت مقومات السياحة عندنا في دولنا عن أن تستقطب تلك الأعداد صيفاً؟

ما هي أولويات السائح الخليجي التي يبحث عنها في أوروبا أو حين يتجه لروسيا؟ إنه يبحث عن الجو المعتدل أو البارد، خصوصاً في الصيف، ويبحث عن المناظر الطبيعية، يبحث عن أفضل الخدمات الفندقية والترفيهية، فإن وفّرت له تلك المقومات الثلاث فإنه من السهل جذبه، فلا يكتفى بالجو أو بالمناظر إن لم يكن هناك ما يصاحبها من خدمات سياحية وترفيهية، وهذا بالضبط ما ينقص مدناً خليجية، بالأخص في المملكة العربية السعودية التي بها خاصيتا المناخ والتضاريس الطبيعية إنما تنقصها الخدمات الفندقية وما يصاحبها من خدمات ترفيهية وأسواق عالمية. بل إن الخدمات الفندقية والخدمات الترفيهية والأسواق العالمية بإمكانها أن تغني عن الجو والمناظر الطبيعية، ودبي خير مثال على ذلك. لكن الصيف قاتل في دولنا الخليجية والعطل المدرسية في الصيف، لذلك يكون الجو إحدى أهم أولويات السائح الخليجي، وهو متوفر في جنوب الجزيرة العربية، وهناك مناطق خليجية تتمتع بخاصيتي الجو والمناظر الطبيعية، إنما الإقبال ضعيف بسبب انعدام الوسائل الترفيهية فيها والاكتفاء بما وهبته الطبيعة لها، كما هي صلالة في سلطنة عمان.

السائح الخليجي يريد برنامجاً متكاملاً لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام أو أسبوع يمضي إجازته متمتعاً بالجو المعتدل وبالمناظر الطبيعية، ومعها ولا بد الخدمات والمرافق السياحية والتسوق، وهذا ما توفره أوروبا وتركيا ويفتقده جنوبنا.

إن التضاريس الجميلة في المنطقة الجنوبية من المملكة العربية السعودية، والتي في عمان، لا تقل جمالاً عما نراه في الدول الأوروبية، وهناك 262 جزيرة تابعة للمنطقة الجنوبية في جنوب البحر الأحمر ولا أروع، وهناك الجبال والوديان والمزارع والسهول الخضراء كلها قابلة لأن تتحول إلى مناطق سياحية عالمية.

كذلك المناخ المعتدل في أشهر الصيف مشجع للغاية، خصوصاً بعد ما ارتفعت درجة الحرارة في أوروبا فلم يعد هناك فارق كبير لصالح أوروبا، إنما تنقص تلك المناطق البنية السياحية وفق متطلبات السائح الخليجي تحديداً، وهي معروفة، فإن نجحنا في توفيرها فإن تلك الطيور المهاجرة ستفضل هذه الوجهات بالتأكيد، خصوصاً وأنها تتميز عنها بقرب المسافة وبضمانات أمنية وبمعاملة أخوية، أما آن الأوان لهذه المليارات لأن تصرف في خليجنا؟