كانت حكوماتنا السابقة تتأثر بشدة بما ينشر ويقال في السوشيال ميديا. مع الغياب المؤقت لمجلس الأمة، أصبح التأثر أقل، لكن يبقى لما ينشر في وسائل التواصل تأثيره وأهميته، وضرورة الإنصات له، والأهم من ذلك الرد على ما يبث فيه وعليه من إشاعات، قد تهز أو تزعزع الأمن الوطني أو الاجتماعي في الدولة، خاصة في ما يتعلق بالقضايا الحيوية التي يبحث الناس عن أخبارها سواء ما تعلق بفرض الضرائب أو سحب الجنسية أو إجبارية البصمة البيومترية أو مبررات البصمة الثالثة، وأقاويل زيادة الرواتب وإسقاط القروض، وغيرها من قضايا يتلهف المواطن، البسيط غالباً، في البحث عن أخبارها ودقتها، فتركها تنتقل من شخص لآخر تصبح مع الوقت شبه حقيقة يصعب إنكارها.

البشر بطبيعتهم لا يكترثون للأخبار العادية، وحتى الجميلة، ولا يطربون لها، بل تثيرهم وترفع الادرينالين لديهم الأخبار المثيرة كسحب الجنسية وأخبار الإعدام، وتفاصيل الجرائم البشعة، وإلغاء عافية وفرض الضرائب، وإلغاء الدعوم، وغيرها. وهذه الأخبار لا يمكن السيطرة عليها والاستمرار في ملاحقة من يبثها وإلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم، بل يتطلب الأمر الرد عليها فوراً وإسكاتها في مهدها!

* * *

توجد في كل وزارة ومصلحة حكومية جهة تسمى «إدارة العلاقات العامة»، وهي غالباً مقبرة، لمن يريد الوكيل أو الوزير التخلص منهم، فنجدها في الغالب إدارة داثرة، لا فائدة منها، لكن قلة منها تقوم بعمل تشكر عليه، كإدارة الإعلام في وزارة الداخلية. فمديرها هو محركها، وليس التعليمات المكتوبة.

في تعميم صدر عام 2023 من مجلس الوزراء، تم الطلب من كل جهة حكومية تفعيل دور وحدات الإعلام والعلاقات العامة فيها، وتعيين «متحدث رسمي» لكل جهة يتولى متابعة ورصد كل ما ينشر ويبث عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، خاصة إن تضمنت مساساً أو إساءة أو تشويهاً لدور تلك الجهة، أو إيراد معلومات غير صحيحة في شأن من شؤونها، والقيام بالرد عليها على نحو موضوعي بالسرعة المطلوبة بالحقائق والأدلة وعدم إتاحة الفرصة لهذه الإشاعات لكي تنتشر وتثير البلبلة والتشكيك.

كما طالب مجلس الوزراء الوزارات والجهات الحكومية تسمية ممثل أو أكثر عن كل منها ليكون ضابط اتصال بين «مركز المعلومات»، وهي جهة لا أعتقد أن هناك من سمع بوجودها، وبين الوزارة أو الجهة التابعة لها للتنسيق مع المركز ومتابعة الأمور المتعلقة به.

وغني عن القول أنه لا جهة حكومية عملت بالقرار، وفعلت دور المتحدث الرسمي، وما تم لم يزد على جهتين أو ثلاث، والبقية تجاهلت القرار بشكل تام.

أما المتحدث الرسمي عن الوزارة او من ينوب عنه وضابط الاتصال لدى مركز التواصل الحكومي، وبقية الجهات التابعة لإشراف الوزير، والذي كان يفترض أن يتم خلال أسبوع من تاريخ القرار الذي صدر في نوفمبر من العام الماضي، فغالباً لم يطبق شيء منه. بالعودة لموقع ما يسمى بـ«مركز التواصل الحكومي»، التابع لمجلس الوزراء، لم أجد شيئاً يشفي غليلي ولا عليلي، والأسباب معروفة، فقد يكون مقبرة أخرى.

* * *

من الضروري تفعيل دور هذه الجهات، وإعطاء المتحدث الرسمي لكل جهة حكومية دوره وأهميته، لإسكات الأصوات التي تحاول الإساءة لنا كمواطنين ومقيمين وقبلها كحكومة وكدولة.


أحمد الصراف