في عالمنا الذي يتميز بسرعة التغير والتطور، وسرعة المبتكرات والمخترعات، ودخول التقنيات الحديثة، تظهر عملية التعليم النوعي، الذي يستهدف بناء أبنائنا وهم يتمتعون بالمعرفة الحديثة، والعلوم العصرية، وبآخر ما توصلت له التقنيات من مهام وأعمال، مهمة ضرورية وملحة.
ولتحقيق هذه الغاية نحن بحاجة، لتربية أطفالنا على التفكير بشكل مستقل، بعيداً عن التقليد أو التأثر بأي جهة كانت، بتشجيع وتعليم أطفالنا على مهارة التفكير المستقل، نكون كمن وضع اللبنة الأساسية في تكوين شخصيتهم، مما يؤدي إلى تطوير الثقة بالنفس، ومواجهة التحديات والصعوبات بمهارة، وحكمة، وذكاء.
في عام 2010 م نشرت مجلة Child Development دراسة تحت عنوان: «تأثير الاستقلالية في التفكير على مهارات حل المشكلات لدى الأطفال». قام بها فريق من الباحثين بقيادة الدكتور جون سميث، من جامعة هارفارد، حيث تمّ تحليل سلوكيات مجموعة من الأطفال في بيئات تعليمية تشجع على الاستقلالية في التفكير. وأظهرت الدراسة: «أن الأطفال الذين يشجعون على التفكير المستقلّ يظهرون قدرة أعلى على اتخاذ القرارات وحل المشكلات بطرق إبداعية، وأن تعزيز الاستقلالية يُسهم بشكل كبير في تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدى الأطفال».
كما أن الأطفال الذين يكبرون، في ظل تشجيع على طرح الأسئلة ويبحثون عن إجاباتها، يشعرون بأن أصواتهم مسموعة، وأنهم قادرون على التأثير، ومع التعوّد على هذا التشجيع الإيجابي، فإنهم يكتسبون ثقة بأنفسهم، وقدرة على التفكير بشكل نقدي ومنهجي.
وبالتالي، فإن تنمية حسّ الاستقلالية لدى الأطفال، ليست مجرد مهارة عقلية، بقدر ما هي تطوير لشخصية الطفل. وهناك عدة عوامل يمكن اتباعها من الآباء والأمهات، لتشجيع أطفالهم على الاستقلالية في التفكير، مثلا: تشجيع طرح الأسئلة، منح الأطفال حرية الاختيار، وفرصة لاتخاذ قرارات صغيرة، مثل اختيار ملابسهم، أو اختيار الألعاب التي يريدونها. أيضاً يمكن تحفيز الاستقلالية من خلال تقديم تحديات مناسبة لعمر الطفل، مثل الألعاب التعليمية التي تتطلب حل مشكلات بسيطة، أو مشاريع يدوية. وعندما يخطئ الطفل أو يفشل في تحقيق هدف معين، يمكننا مساعدته على فهم أن الفشل جزء طبيعي من التعلم. يجب احترام آراء الأطفال وتشجيعهم على التعبير عنها، حتى نعزز من شعورهم بالاستقلالية. عندما يشعر الطفل أن رأيه له قيمة، يصبح أكثر استعداداً للتفكير والتعبير عن نفسه بحرية.
الطفل الذي ينشأ وهو يشعر بقدراته، واحترام قراراته، يصبح أكثر استعداداً للمشاركة بفاعلية في المجتمع، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات الحياتية. ونحن كآباء ومعلمين، علينا أن ندعم أطفالنا ونوجّههم ليصبحوا قادة ومبدعين.
التعليقات