خالد بن حمد المالك
التشكيك بأن أمريكا وإسرائيل وراء إسقاط بشار ونظامه كما يقول بذلك المرشد الإيراني وغيره هو من باب التقليل من دور المعارضة السورية في التخلّص من النظام السابق، وأن نجاح الثورة لم يكن ممكناً دون إسناد وتعضيد من واشنطن وتل أبيب، وهي تخرّصات مبعثها خسارة إيران لأهم معاقلها وأذرعتها في المنطقة، وتحديداً في الدولة السورية، حيث تعتبر دمشق إحدى العواصم الإيرانية بحسب تصريحات المسؤولين في إيران.
* *
وبالعقل والمنطق، فإن الكفاح السوري المسلح الذي أزاح بشار ليس وليد اليوم، ولم يكن مصادفة دون تخطيط، والدليل أن أمريكا كانت مع بقاء أسرة الأسد في حكم سوريا، إنها على مدى أكثر من نصف قرن لم تساهم بأي دور داعم لإسقاطه، بل إنها تصنف الثوار بعد سيطرتهم على سوريا بأنهم جماعات إرهابية، وحتى بعد نجاح إسقاط بشار الأسد، فإن التعامل مع النظام الجديد يرسل من واشنطن رسائل غير جيدة وغير ودية في القبول بالأمر الواقع.
* *
لا ألوم إيران وغير إيران حين يكون موقفها من هذا الحراك السوري التاريخي سلبياً، وأن تتضارب التصريحات المرتبكة، لكون ما حدث لم يكن في حساباتها، وأنها فوجئت بعدم استعداد الجيش لصد جحافل الثوار أمام تساقط المدن السورية واحدة بعد أخرى دون قتال يذكر.
* *
ومن المؤكد أن الخاسر الأكبر هي إيران في كل ما حدث، فقد استثمرت في سوريا لتكون ذراعها الأقوى والأهم في تحقيق مصالحها وأهدافها بالمنطقة، وأن سقوط نظام بشار الأسد قد أصابها في مقتل، ولن تكون في المستقبل قادرة على إعادة نفوذها في سوريا الذي كان بشار الأسد يحقق لها ما تريد دون أي اعتبار لمعارضة الشعب.
* *
على أنه من المبكر معرفة كيف سيكون حال سوريا مع النظام الجديد، خاصة مع عدم وضوح المواقف الدولية وحتى العربية، بانتظار التفاصيل عن التوجهات التي ستكون سمة إدارة الدولة، وبينها كما يريد العالم أن يترك الثوار السلطة لمدنيين ذوي اختصاص ومعرفة، وعن طريق الانتخابات، في تولي زمام الأمور، وتصحيح الأوضاع في البلاد، والتخلّص من الإرث السيئ الذي تركه بشار ونظامه.
* *
لهذا فإن هناك ترقباً وتطلعاً وانتظاراً لما بعد مولد سوريا الجديدة بعد خمسين عاماً من الضياع، والحكم البوليسي، والصراعات والخلافات، ونشوء المعارضة المسلحة الواسعة، وما ترتب على ذلك من قمع وقتل وسجن وتعذيب وتهجير لكل معارض يطالب بتنحي الرئيس المخلوع، أو ينتقد سياساته، وتعامله مع المواطنين بهذه القسوة التي لا سابق لها.
* *
واللافت للنظر أن ما حدث بعد نجاح إزاحة بشار الأسد من السلطة ذلك الموقف الإسرائيلي المعادي للثورة، حيث فقدت تل أبيب هي الأخرى أحد المتعاونين معها، فكان رد الفعل الإسرائيلي احتلالها لأراض سورية جديدة، والقضاء على 80 % من أسلحة الجيش -حسب تصريحات الإسرائيليين- حتى لا تقع في أيدي النظام الجديد، ما يؤكد أن عدم تعرّض إسرائيل لها إبان حكم بشار الأسد، وهذا التصرف بعد سقوطه أن هناك تفاهماً كان قائماً بين النظام السابق وإسرائيل.
التعليقات