موسى بهبهاني
الفن يعكس حضارة الأمم ويقيس تقدمها ويؤثر على حياة المجتمعات سلباً أو إيجاباً، والفن قديم منذ وجود الإنسان وهو اللغة المشتركة بين شعوب العالم، به يتم تجاوز كل الفوارق وتتمكن الشعوب من مد جسور التواصل والتقارب والتعارف في ما بينها.
تلقيت دعوة كريمة من مجلس إدارة المسرح الكويتي لحضور عرض مسرحية (من زاوية أخرى) على مسرح الدسمة.
قصة المسرحية:
في منزل العائلة تقع جريمة قتل تطول أفراد العائلة، ويقوم المحقق بعمله لإيقاع القاتل بطريقة مبتكرة (Flash Back) بمعنى العودة بالمشهد إلى ماقبل وقوع الجريمة.
مدة العرض كانت 60 دقيقة من فصل واحد مستمر دون انقطاع.
ومنذ اللحظة الأولى لرفع ستارة المسرح بدأ العرض بطريقة مبدعة بدءاً بالمؤثرات الصوتية والموسيقية والإضاءة المميزة والديكور والغرافيك والملابس والإخراج المبدع.
وأما الممثلون فحدّث بلا حرج، تميزوا بالأداء المتمكن والإبداع، بحيث تتغير ملامح الشخصية تباعاً وبثوانٍ من الضحك إلى الجدية، بالرغم من أنهم ممثلون حديثو التخرج ومنهم طلبة ولكنك تقف أمامهم كأنهم عمالقة محترفون.
وما لفت النظر خلو هذا العمل المسرحي من الإسفاف والتجريح والتهريج، وما أعجبني أيضاً أن المسرحية كانت باللغة العربية الفصحى، وهو مما يذكرنا بالأعمال الفنية الراقية أيام الزمن الجميل.
وما تميزت به المسرحية الانتقال من مشهد إلى آخر فلا تشعر بفراغ بين هذه المشاهد، وما أعجبني أيضاً استخدام تقنية (الفلاش باك).
وكذلك كان التميز الكبير بتغير المشاهد طوال مدة العرض، باستخدام منصات أرضية متحركة مثبت تحتها دواليب صغيرة يقف الممثلون عليها فيؤدي كل منهم دوره، وتقوم مجموعة من الممثلين المساعدين بدفع تلك القواعد إلى داخل وخارج المسرح.
فكل الشكر لهؤلاء الممثلين المساعدين بما قاموا به من جهد كبير طول مدة العرض.
والشكر موصول لفريق العمل من (مؤلف - مصمم الأزياء والمكياج -مصمم المؤثرات الموسيقية والاضاءة - والممثلين والإخراج).
(العمل راقٍ بامتياز):
أمانةً كان العمل مبدعاً تم خلاله شد انتباه المشاهد منذ الوهلة الأولى للعرض وحتى نهاية العمل المسرحي.
ومرت فترة العرض سريعاً دون ملل أو كلل من الحضور، وهذا يُحسب لفريق العمل.
وقام بإداء أدوار العمل المسرحي مجموعة من الممثلين الشباب منهم الخريجون حديثاً وآخرون من طلبة المعهد التمثيلي.
بالفعل الفن بخير وذكرتني تلك المسرحية بجيل الفنانين الأوائل، الذين عملوا الأعمال الفنية حباً للفن الراقي وليس للمادة والإسفاف.
أتمنى من قناة تلفزيون الكويت والقنوات الخاصة نقل تلك الأعمال الفنية الراقية التي تستحق البث لما فيها من إبداع.
فى الكويت 4 فرق مسرحية:
1/ المسرح العربي
2/ مسرح الخليج العربي
3/ المسرح الشعبي
4/ المسرح الكويتي
تقدم الدولة (وزارة الإعلام) ميزانية سنوية بقيمة 16000 دينار لكل فرقة، ويتم الاستقطاع منها لدفع مصاريف ايجار المقر - رواتب السكرتارية والعمالة - الكهرباء والماء والصيانة والإصلاحات مثل أجهزة التبريد - المرافق الصحية -المطبخ - مكتب المدقق المالي - علماً بأن مجلس الإدارة يعمل دون مقابل مادي.
-المجلس الوطني للفنون والثقافة والآداب يقدّم مبلغ 7 آلاف دينار كويتي لكل فرقة مسرحية مشاركة في المهرجان المحلي.
لو جُمعت كل تلك المبالغ فهي غير كافية لتمويل عمل فني مميز واحد! بسبب غلاء مواد التجهيز للمسرحية (الديكور والأزياء والمؤثرات وإيجار المسرح...) ولذلك، يعمل هؤلاء الممثلون ليس طمعاً بالمادة ولكن حباً منهم بالفن.
ماهو المطلوب من الجهات الراعية للعمل المسرحي؟
1/ زيادة الدعم المالي الحالي، فهو غير كاف لأداء عمل مسرحي واحد متميز!
2/ تخصيص موقع لبناء مدينة فنية فيها مسرح وطني يجمع الفرق المسرحية مع توفير الخدمات كافة، مثل (مشغل خياطة لتجهيز الملابس لكل الأعمال المسرحية - فني ديكور لعمل الديكور المطلوب لكل عمل، تستفيد منه جميع الفرق المسرحية).
3/ أو توفير مقرات لكل الفرق، ليكون لكل فرقة مقر على حدة، تشتمل على مسرح ليتم تدريب الممثلين وعمل البروفات المسرحية فيها، بالإضافة إلى قيام الفرق المسرحية باستغلال الموقع لعمل المسرحيات - الندوات الشعرية - الندوات الغنائية - الندوات الثقافية... ويتم من خلالها تحصيل إيراد مالي إضافي للمسرح، وبالتالي تعتمد على إيراداتها الخاصة للقيام بالأعمال الفنية المتعددة.
4/ إنشاء صندوق للفنانين يكون بهدف تقديم خدمات اجتماعية إنسانية للفنانين، بدءاً من تقديم قروض شخصية دون فوائد للمنتسبين، وكذلك المساهمة في إقامة الأعمال الفنية بحيث يعود إليها نسبة من الإيرادات.
ختاماً:
الحركة المسرحية في الكويت رائدة سواءً على المستويين الخليجي والعربي، وتُعد من النشاطات الثقافية البارزة في الكويت.
ولذلك المطلوب من الدولة التشجيع والاهتمام بهذا القطاع لأهمية الفن بأنواعه كافة.
كل الشكر والتقدير لمجلس إدارة المسرح الكويتي الذين وفقوا في اختيار النصوص القيّمة والهادفة البعيدة عن التجريح والتهريج.
اللهم أحفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.
التعليقات