ذهبت نفس عبدالله العلي النعيم إلى ربها راضية مرضية، وستدخل بإذن الله مع عباده الصالحين وارف جناته.
ذهب الأمين وبقيت محاسنه أمانة في أعناق أهله وذويه وأصدقائه.
علاقتي بأبي علي متعددة الجوانب، أعرفه صديقاً وأميناً وأديباً وإنساناً كريماً تعددت أفضاله وتعدت حدود بلاده.
عندما تسلمت عملي الجديد في فيينا مديراً عاماً لصندوق أوبك للتنمية الدولية OFID في عام 2003، هاتفني بعد فترة وطلب مني التوسط لدى مجلس المحافظين في الصندوق للنظر في تقديم منحة للمركز السعودي لتأهيل وتدريب الكفيفات بالأردن.
كنت في عمّان في مهمة رسمية وتسنى لي زيارة المركز ورأيت عدداً من السيدات الكفيفات من مختلف الأقطار العربية يتلقين العناية الكاملة، كما علمت من مديرة المركز السيدة الفاضلة إيناس طائفي أن مقر المركز قد شُيّد بمنحة من الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله-، وأن تكاليف المركز حالياً تأتي من حكومة المملكة العربية السعودية.
عدت إلى فيينا وقدمت لمجلس المحافظين في الصندوق عرضاً لما شاهدته، نتج عنه كما يقول أبوعلي أن تلقى المركز دعماً مادياً على فترات آخرها ما ذكرته مديرة المركز في مقال تضمنه الجزء الثالث من مذكرات الفقيد (صفحة 112-113)، تقول:
«وكان آخر بصماته (مشيرةً للمرحوم) بالمركز هو القاعة التي تمكّن المركز من بنائها بدعم مشكور من صندوق الأوبك للتنمية الدولية، وتم تسميتها بقاعة معالي الشيخ عبدالله النعيم لتكون بمثابة شكر وعرفان لمعاليه».
تجدر الإشارة إلى أن المنحة المشار إليها بلغت 150 ألف دولار، تم التوقيع عليها في مقر المركز بحضور اثنين من موظفي السفارة السعودية في عمّان.
أما المجال الآخر ذو البعد الدولي والإقليمي لنشاط أبي علي فهو علاقته بالمعهد العربي لإنماء المدن، كان -رحمه الله- يتصل بي أحياناً طلباً للدعم كلما نظم المعهد مؤتمراً أو ندوةً، وكنت أبادر في تلبية طلبه بعد أن تقوم الجهة المختصة بمراجعته، لكن الذي أثار فضولي ونحن نضع اللمسات الأخيرة لأهداف التنمية المستدامة قبل صدورها من الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015 ما ورد في الهدف الحادي عشر وهو العمل على إيجاد مدن مستدامة تتوفر فيها شروط الحياة الكريمة، ومن وسائل بلوغه توفير الإسكان الآمن الميسور وتوفير المساحات الخضراء، وهي أمور طالب بها وهو على سدة الأمانة، أي أنه- رحمه الله- سبق الأمم المتحدة في هذا المضمار بسنوات.
رحم الله الفقيد وجزاه خيراً لقاء ما قدمه لأمّته ووطنه.