يقول أبو نواس:"إذا كان الزمانُ زمانَ حُمْقٍ / فإن العقلَ حرمانٌ وشُؤمُ... فكُنْ حُمْقاً مع الحُمْقى/ فإني أرى الدولةَ بدولتهم تدومُ".لم أجد أبلغ من أبي نواس للتعبير عن فكرة أنّه في زمن الركود والتفسّخ: "لا بارك الله في قوم لا أحمق بينهم". وهذا مدخلي لوصف اقتحام ترامب للثوابت الدولية والأميركية، وصولاً إلى مخطّطه المتعلّق بغزة.في لحظات معيّنة، يكون التداوي بالكيّ والتنمّر فضيلةً تُضرِم النار في ركام راكدٍ متعفّن من العلاقات الدولية، ومناهج النخب الأميركية التي أقعدها الكسل العقلي، والجبن البيروقراطي، لينفض الغبار عن "ثوابتها" وبروتوكولاتها المتحذلقة، المتأنّقة.فمنذ أن حنث بوش الأب وعوده، ونكثت أميركا بالتزاماتها في مفاوضات مدريد، تَركت الولايات المتحدة الصراعَ العربي - الإسرائيلي فريسةً لسياسات التطرف الإسرائيلي، واكتفت بإدارة أزمات الشرق الأوسط وتعميقها، حتى غرقت هي في مستنقع آسن، يرتع فيه المتطرّفون الدنيويون، و"الثوريون" و"المسيانيون"، وأصحاب كل "الرسالات الخالدة"، يرقصون ويعربدون على امتداد ساحة الشرق الأوسط.ثم انضم، بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بايدن لرقصتهم المشؤومة على طبل ديموقراطيته المثقوب.وبعد، عاد ترامب، وتعوّذ به كثير من السياسيين "العقلاء الرصينين"!وبعد أن ضرب يميناً ثم يساراً، ما لبث أن اكتشف من جديد مركزية الشرق الأوسط، وقضية الصراع العربي - الإسرائيلي كحلقة رئيسة في مجمل العلاقات الدولية.بدأ ترامب عهده بزيارة الخليج، ليؤسّس عبرها مشروعه لشراكة إقليمية يكون فيها للمجموعة العربية، ودول الخليج خاصة، دورٌ ...