خالد بن حمد المالك
لم يعد الحديث مقتصراً على قطاع غزة والمؤامرة الإسرائيلية عليه، وتهديد مستقبله على نحو ما نراه منذ السابع من أكتوبر وإلى اليوم، وإنما امتد إلى الضفة الغربية، بشكل مُتسارع لضمها إلى الكيان الإسرائيلي، دون رد فعل دولي غاضب ورافض، ولا إدانات، وإنما صمت كما صمت أهل القبور.
* *
فقد صادق الكنيست على فرض السيادة على الضفة الغربية بالقراءة التمهيدية من خلال مشروعين قانونيين يستهدفان شرعنة السيادة الإسرائيلية على إحدى المستوطنات الاستعمارية غير الشرعية، بانتهاك واضح للحق الفلسطيني التاريخي بإقامة دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
* *
هذا الإجراء الاستعماري، والاعتداء الذي يُخالف القوانين والأعراف الدولية يجب أن يفجّر غضب العالم، ويدينه، ويمنعه، ويحاسب إسرائيل عليه باعتباره تعدياً على حقوق شعب تحت الاحتلال، ومسؤولية المجتمع الدولي تقتضي بوضع حد لهذه الانتهاجات والتعديات، والإعلان عن جديته في تحقيق خيار الدولتين.
* *
رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو لم يكتف بتصويت الكنيست بضم الضفة الغربية، وإنما أكد على ما هو مؤكد بأن إسرائيل قامت وتقوم بتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية قبل هذا التصويت، دون الاكتفاء بقوانين استعراضية؛ أي أن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة سبق قرار الكنيست الذي يُخالف القوانين.
* *
اقرار ضم مستوطنة (معاليه أدوميم) مخالف لقرارات الشرعية الدولية، ومخالف لكل القوانين ذات الصلة بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ويأتي هذا القرار بينما يتحدث الرئيس الأمريكي عن خطته للسلام، والتوسع فيها، وعن التطبيع مع إسرائيل، فيما أن تل أبيب لها توجه آخر.
* *
ويحدث هذا، فيما لا تزال إسرائيل تواصل عدم التزامها بخطة ترمب، وهناك من قياداتها من يطالب بإطلاق يد الجيش الإسرائيلي للتوسع في ضرب قطاع غزة، وعدم تقييده، اعتماداً على خطة سلام لا تُحقق أهداف الحرب الإسرائيلية، وقد تحرم إسرائيل من احتلال القطاع والضفة.
* *
وما تفعله حكومة نتنياهو الإرهابية لا يحتاج إلى دليل، ومسؤولوها لا يجدون حرجاً ولا خوفاً، ولن يكونوا في موقع المساءلة، حيث يتصرفون على هذا النحو من الممارسات الإجرامية، ويتم التصويت عليها، وتأييدها، دون النظر إلى أنها جرائم حرب لو فعلتها دولة غير إسرائيل لضج العالم مستنكراً، وتدخل لإفشالها.
* *
ولم يكن مستغرباً حين تتفق المعارضة المزعومة في إسرائيل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية في إقرار هذا التوجه باحتلال الضفة الغربية، فهما -كما يقال- وجهان لعملة واحدة، وجهان إرهابيان، بنفس المواصفات، وانعدام الإنسانية، والأخلاقية التي يتعاملون بها مع الشعب الفلسطيني دون رحمة، أو إنسانية أو أخلاقية.
* *
وهذا القرار لم يكن التخطيط له وليد اللحظة، وإنما هو سياسة موثقة منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1948م وإنما تم إطلاقه الآن باستثمار الظروف التي تمر بها المنطقة والعالم، ونتائج أحداث السابع من أكتوبر، وما خلفته من آثار لصالح إسرائيل.
* *
ومسؤولية الرئيس الأمريكي الذي يزعم أنه يقوم بتحقيق السلام في المنطقة، وأنه يتجه لينهي الحروب إلى الأبد فيها، أن يتدخل، ويمنع إسرائيل من هذا العدوان الذي يحول دون تحقيق السلام في منطقتنا، ويزيد من التصعيد في استمرار عدوان إسرائيل، ويكون رد الفعل كما نراه الآن.
* *
حتى هذه اللحظة فالعالم يتفرج، ويلتزم الصمت، وكأنه حدث عابر، أو إجراء غير جاد، وكأن ما سبق من إجراءات في بناء مستوطنات ومستعمرات جديدة، وطرد المواطنين من بيوتهم ومزارعهم لبناء المستعمرات عليها لم تكن تمهيداً لهذا القرار الاستعماري الذي أقرته إسرائيل بالتصويت في الكنيست، فأين ضمير العالم وعدله وإنصافه، وأين الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أين الجميع من هذه الجريمة.















التعليقات