من يعتمد على الناس ليعرف قيمته، سيظل قلقاً طوال عمره وفي كل حالاته، لأنه يفقد ذاته، وهويته، تدريجيا، كلما انصت اكثر لـ«شيقولون الناس؟».
هذا النوع من البشر قرر ان يقضي حياته في محاولات عدة لتعديل صورته وفق رأي من حوله.
واذا تساءلنا، من أين يولد هذا الخوف والارتياب مما يقوله الناس؟
سيكون الجواب ان مرحلة مهمة في حياة الانسان لا بد انها كانت قائمة على الخوف من كلام الناس، والخوف هنا ليس بمعنى «الخوف» المتعارف عليه، بل الارتياب مما سيقوله الناس عنه «عيب شيقولون الناس؟» او «فشلة شيقولون الناس؟» او «تبي الناس تتكلم عنا؟».
الناس يتحدثون دائماً وابدا، لكن شخصيتي تتحدد بالاجابة عن هذا السؤال، هل أسمح لكلام الناس ان يتحكم في قراراتي، أو أسمح له فقط بالمرور بجانبي؟
من يعتمد على رأي وكلام الناس ليعرف قيمته، سيظل قلقاً طوال عمره، لأنه سيكون أسير هذا الكلام، يدور حوله وفي فلكه.
اما من يعرف قيمته جيدا، فسيفتح الطريق واسعا لكل الكلام، للمرور سريعا... فيصبح مجرد اصوات خلفية لا أهمية لها.
ثم حتى ان حكمت الناس، فإنهم سيحكمون اليوم وينسون غداً... لذلك فهم ينشغلون بأنفسهم، لا بالمتفرجين حولهم.
حقيقة أنا لا انكر ان هناك جزئيات في حياتنا لا نستطيع أن ندعي إن كلام الناس لا يعنينا بتاتا، الا ان المبالغة في الجانبين غير صحية.
بمعنى ان من يبالغ في الاهتمام بما يقوله الناس، يكون قد وضع إرضاء الناس ورأيهم رهينة كل سلوكياته.
اما من يتجاهل الناس تماماً، قد يفقد بعض الضروريات الاجتماعية الصحية.
انا اسمع رأي من يهمني رأيه فقط، وانتقي منه ما يفيدني وفق ظروفي، لأن من ربط احترامه لذاته بمديح الناس، سيكون اسير آرائهم، ولا اسهل من ان أُهزم بكلمة وأُحبط بأخرى. أُهزم بكلمة وانتشي بأخرى.
انقل رأيا حول الموضوع اعجبني، ان الحقيقة المُرّة التي لا نحب الاعتراف بها هي: «معظم الناس لا يخافون من «الخطأ»، بل يخافون من أن يُرى الخطأ»، ولا يخافون «من التجربة، بل من التعليق عليها»، ولا «يخافون من الفشل، بل من لغة العيون التي تلتهمه قبل أن يلتهمه الزمن».
إنها ليست هيبة المجتمع كما نحب أن نصفها، بل هيبة وبشاعة الفراغ الداخلي، وما ادراك ما الفراغ الداخلي؟ تلك الهشاشة التي تتركنا نرتعش أمام رأي إنسان، وان كان انسانا تافها نراه للمرة الاولى في حياتنا.
إقبال الأحمد















التعليقات