محمد سليمان العنقري
خرج المنتخب الأول من الدور نصف النهائي ببطولة كأس العرب وهو تكرار لما حدث في بطولة أمم آسيا الأخيرة؛ أي الخروج من الأدوار الإقصائية وفي كأس العالم البطولة الأهم والأكبر بالرغم من عدد المشاركات الكبير إلا أن الإنجاز الوحيد هو التأهل للدور الثاني بأول مشاركة عام 1994 في أمريكا وقد لا يكون موضوع الخروج من أي بطولة بدور مبكر أو متأخر أمرا مستغربا في عالم المنافسات الرياضية عامة وكرة القدم تحديدا، لأنها اللعبة الأكثر شعبية دوليا لكن في ذات الوقت يطرح تساؤل: لماذا الغياب الطويل عن نيل الألقاب في الدول التي اعتادت تحقيقها وتعد مرشحا رئيسا لها في كل مشاركة بالبطولات القارية والإقليمية؟ والتاريخ يشهد لها بذلك كحال المنتخب السعودي الأول بطل أمم آسيا ثلاث مرات والوصيف لمرتين ونال ألقاب بطولات عربية وخليجية سابقا.
إن الإجابة عن هذا السؤال بالتأكيد لدى المسؤولين عن اتحاد كرة القدم والرياضة السعودية عامة، لكن هل فعلا هناك غياب للتخطيط طويل الأمد لبناء قاعدة واسعة من اللاعبين بمختلف الفئات السنية لكي ترفد المنتخب الأول بالمواهب التي تصنع الفارق؟ فمن المعروف عالميا أن أي تخطيط هدفه حصد الألقاب في عالم كرة القدم لا يخرج عن هذا التوجه، يضاف لذلك توفير الممكنات ووضع هوية واضحة لأسلوب الخطط الفنية وما إلى ذلك من الأساسيات التي يبنى عليها أي تخطيط طويل الأمد
في الرياضة السعودية تتوافر إمكانات كبيرة والدوري الأول يعد من أقوى عشرة دوريات عالمية والمشروع الرياضي طموح جدا وأساسيات نجاحه متوافرة من دعم لا محدود ووجود نسبة كبيرة من الشباب بالمجتمع تصل إلى 65 في المائة أعمارهم دون 30 عاما أي أن القاعدة التي يمكن تأهيل مواهب عديدة فيها كبيرة جدا وهو ما يطرح التساؤل عن غياب المستوى المتصاعد للمنتخب الأول والعودة لتحقيق الألقاب التي غاب عنها منذ أكثر من 20 عاما.
ولو نظرنا لأمثلة عالمية عن كيفية التخطيط الطويل الأمد تبرز فرنسا عالميا، فبعد جيل ذهبي في الثمانينات من القرن الماضي، الذي أقصى ما وصله الفوز ببطولة قارية ونيل المركز الثالث بكأس العالم 1986 شكل غياب فرنسا عن التأهل لبطولة 1990 بإيطاليا وكذلك 1994 في أمريكا صدمة جعلت اتحاد الكرة يبدأ بتأسيس فريق من جيل شاب دون 20 عاما استعدادا لبطولة كأس العالم 1998 التي استضافتها فرنسا ونالت أول لقب عالمي بتاريخها رغم أن مؤسس البطولة هو الفرنسي جول ريميه، أي بعد 68 عاما من انطلاقتها ولكن هذا الجيل وضع فرنسا على طريق كبار المنافسين على البطولات القارية والعالمية من جديد وحتى تاريخنا الحالي.
بالمقابل فإن إيطاليا أحد معاقل أهم مدارس الكرة العالمية ونتيجة لغياب رؤية إستراتيجية غابت عن آخر بطولتين لكأس العالم في روسيا وقطر وحاليا تواجه خطر غياب ثالث، حيث ستلعب الملحق الأوروبي بعد أن كانت دائما في قائمة المرشحين للقب العالمي الذي نالوه أربع مرات، أما عربيا فتبرز المغرب كنموذج ناجح يحقق إنجازات كبيرة في كأس العالم وصل نصف نهائي ببطولة 2022 ونال لقب كأس العرب قبل أيام بمنتخب ثانٍ للمنتخب الأول، حيث يشارك بمجموعة هي الأعلى احترافية ببطولة أمم إفريقيا الحالية ونال منتخبهم الشاب بطولة كأس العالم هذا العام وهو ما يوضح حجم العدد الكبير من الشباب المؤهلين لديهم بكافة مراكز اللعب مع وجود مدربين محليين على مستوى عالٍ من الكفاءة، فذلك لم يكن وليد مصادفة بل تخطيط لمدى بعيد.
عودة المنتخب السعودي الأول للمنافسة على البطولات ونيل الألقاب ليست صعبة وإنما تحتاج لإعادة نظر بالإستراتيجية المطبقة حاليا والتجهيز لمنتخب يمثل المملكة ببطولة كأس العالم عام 2034 التي تستضيفها المملكة وتوسيع القاعدة التي تضم مواهب عديدة ترفد كافة المنتخبات الوطنية وكذلك الأندية بالمواهب المميزة فالتاريخ في صالح المنتخبات السعودية بكل فئاتها ونيل الألقاب هو الأمر الطبيعي الذي ينتظر منها.
















التعليقات