إن قانون تشريع المستوطنات نتيجة طبيعية لما تشهده المنطقة من اعتداءات مستمرة من قبل القاصي والداني، والفلسطينيون أسهموا في تشجيع إسرائيل على الاستمرار في التهام الأرض الفلسطينية بحالة الانقسام، وليس وضعهم فريدا في ضوء ما تشهده البلاد من انقسامات على أسس دينية ومذهبية وطائفية، فالصورة الكبرى هي واحدة في فلسطين وغير فلسطين، ولن يقتنع العرب بأن يتخلوا عن طائفيتهم حتى تضيع كل أراضيهم.
لماذا لا تبتلع إسرائيل أراضي الضفة وكل تفاصيل المشهد تشجعها على ذلك، ولو أن ربع ما استنزفته الحروب الدائرة وجه إلى إسرائيل لتحررت فلسطين ولم تعد إيران تدخل إلى بلاد العرب من هذه الثغرة، ولم تكن لتجد أحدا من العرب يتعاطف معها ويشد على يدها حين تدعي أنها حريصة على بلاد العرب وستمحو إسرائيل من على الخريطة. فهي التي ترفع راية تحرير فلسطين مع كل هبة ريح، وكأن العرب قاصرون ولا حيلة لهم ولا بد من إيران لتحميهم من الاحتلال.
هدد الفلسطينيون بملاحقة إسرائيل قضائيا ودوليا ولعل إسرائيل ضحكت كثيرا على هذه النكتة، فهي تعلم جيدا أن هذه الأروقة الدولية خلقت أساسا لحمايتها. ويبدو أنه لم يبق أمام الفلسطينيين إلا انتفاضة جديدة ومقاومة مسلحة، وهذا أكثر ما يخيف إسرائيل التي أثبتت استعدادا كبيرا لأن تفتدي أي من جنودها ومواطنيها بألف فلسطيني أو أكثر. فلماذا لا يستغل الفلسطينيون نقطة الضعف هذه خاصة وأن المستوطنين منتشرون في أرض الضفة؟
جاء هذا القانون بعد الحرائق التي افتعلتها إسرائيل فخرجت عن سيطرتها ومن ثم اتهمت الفلسطينيين بإشعالها، إذن لا بأس، فلتكن مقاومة شعبية وتحرق ما في طريقها، ولتأت الدول الصديقة والشقيقة لتطفئ النار.
تقول مصادر إسرائيلية أن إسرائيل ستعوض الفلسطينيين الذين تستولي على أرضهم بمبلغ كبير من المال، فإذا كان الجيل الرابع من فلسطينيي النكبة لا يزالون يحتفظون ب "كروت المؤن" كدليل على ملكيتهم للأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948، فهل يمكن أن يقبل فلسطيني بأي مبلغ مقابل أرضه؟ إن هذا الافتراض يعكس نظرة إسرائيل للفلسطينيين بأنهم مجرد كائنات ترعى في أرض الله ولا يختلف لديها مرعى عن مرعى آخر طالما أنها ترعى وتملأ معدتها.
لا يتسع المقام إلى نصائح بالمصالحة والوحدة لأنه يبدو أن كليبا وجساسا لا يزالان أحياء يرزقون.
- آخر تحديث :
التعليقات