قبل الاستفتاء الشعبي في كوردستان وبعده اكدت القيادة الكوردستانية على تمسكها بالحوار الوطني غير الشروط ومعالجة المشاكل المستعصية بين كوردستان وبغداد بالطرق السلمية، ولكن الذي حصل هو ان مراكز القرار في بغداد وعن عمد وسبق اصرار اصرت على رفض الحوار والمضي قدما في برنامجها لاحتلال كوردستان بالقوة واعادة تقسيم ادارتها او حتى الغائها وربط المحافظات الكوردستانية بالمركز مباشرة كما صرح بذلك السيد نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي ولم يكن موضوع الاستفتاء الشعبي الديموقراطي والسلمي، لا من قريب ولا من بعيد، سببا لما الت اليه الاوضاع فالمخطط العراقي الايراني كان مرسوما من قبل الاستفتاء ويهدف الى تحقيق ما تعارف على تسميته بالهلال الشيعي والسيطرة على منابع البترول ومواجهة الوجود الامريكي وايضا تحجيم الوجود والتحركات التركية رغم ما بين هذه الاطراف من اتفاقات حول وأد التجربة الكوردستانية.
لما سبق فان الحديث عن الحوار حاليا يبدو ضربا من الخيال والترف الفكري خاصة امام اصرار مراكز القرار في بغداد على شروط تعجيزية لا يمكن القبول بها والتي تعني في التحليل الاخير الغاء الدستور والنظام الاتحادي والاستسلام غير المشروط لشعب كوردستان وتسليم مصيره ومستقبله بيد نظام ثيوقراطي طائفي وعنصري مقيت لا يتوانى عن استخدام القوة المفرطة ضد الشعب الكوردستاني ولعل مثال مدينة خورماتو الشهيدة ابلغ دليل على همجية الاجراءات القمعية التي اتخذتها السلطة الاتحادية فالاحصاءات على سبيل المثال لا الحصر وفقط في مدينة خورماتو الشهيدة تقول:
عدد المواطنين المهجرين 126000 من اصل 186000 مواطن يسكن المدينة
عدد الدور السكنية التي تم تفجيرها 152
عدد المقرات السياسية والمهنية التي تم تفجيرها 12
عدد المؤسسات الاعلامية التي تم نهبها وحرقها 6
عدد الدور السكنية التي تم نهبها وحرقها 1102
عدد الحوانيت والمراكز التجارية المنهوبة والمحروقة 380
عدد المعامل والمطاعم المنهوبة والمحروقة 19
عدد الضحايا 112
عدد الجرحى 297
10- عدد العوائل المهجرة 31000 عائلة، هذا عدا الاحصاءات غير المتوفرة حاليا عن باقي المدن والقصبات ومركز محافظة كركوك.
السؤال هو: هل في كل هذا ما يوحي او يدل على رغبة الدولة الاتحادية في الحوار واجراء مصالحة وطنية ووضع اسس سليمة لمستقبل العلاقات بين الشعبين الكوردستاني والعراقي؟
نعم للحوار ولكن مع من؟ وهل يمكن ان يكون اي حوار منتجا مع هكذا تصميم مسبق على التدمير واراقة الدماء وفرض الوحدة القسرية بالقوة الغاشمة؟ ( بيان الامم المتحدة في 19/10/2017 حول الانتهاكات الخطيرة بحق المواطنين الكورد العزل).
نعم للحوار ولكن اليس من المفروض ان تبادر السلطات الاتحادية ومراكز القرارالى توفير المقدمات الضرورية للحوار بما فيها اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل الهجوم العسكري الطائش وسحب قواتها والغاء الحصار الاقتصادي البري والجوي على كوردستان والتوقف عن مهزلة استغلال السلطات القضائية لاصدار اوامر بالقاء القبض على المسؤولين الكورد.
نعم للحوار ولكن مع تأكيد واضح وبخطوات عملية على حسن النية والرغبة الصادقة لحل الازمة بالطرق السلمية
ان اي حوار لا تسبقه هذه الاجراءات ولا يجري تحت مظلة دولية محايدة كالامم المتحدة مثلا، سيكون حديث طرشان ومضيعة للوقت لا اكثر ومن المؤكد ان النتائج المترتبة على السلوك العدواني الذي لا يزال المركز الاتحادي يمارسه، لن تكون لا في صالح العراق ولا في صالح الامن والسلام في عموم المنطقة وسيجبر هذه المراكز لتقديم المزيد من التنازلات للقوى الاقليمية والتفريط بالبقية الباقية من الاستقلال والكرامة الوطنية ناهيك عن الرد الكوردستاني غير المتوقع بعد ان يصل الى قناعة تامة بانه لا جدوى من الحوار.....فهل من يسمع؟
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات