المرة الثانية التي ينتفض&فيها آشوريو(سريان)&ومسيحيو القامشلي. المرة الأولى كانت&15 ايلول&1962،&يوم&أغلق العسكر&ناديهم&(نادي الرافدين)&الذيأسسوه&عام 1934.&اعتصم&جمهور&النادي&أمام مكتب العميد (فرحان جرمقاني)&القائد العسكر للمنطقة الشرقية. طالب&المتظاهرون بفتح&النادي.نددوا&بانتهاكات العسكر لحقوق&وحريات&أبناء القامشلي.&أسقطوا (جمال عبد الناصر).&اعتبروا اغلاق&(نادي الرافدين)&من نتائج زيارته&المشئومة&للقامشلي إبان الوحدة. جمال،&الذي زرع بذور العنصرية العرقية والكراهية&الدينية في التربة السياسية والثقافية للمجتمع السوري،&كان قد أوصى السلطات العسكرية المحلية، بضرورة(تقويض الوجود المسيحي) في القامشلي، بعد أن صدمه&(الحضور&السرياني&الآشوري)،&منذ أن وطأت قدميه ارض المطار، حيث استقبلته فرقة&(الكشافة السريانية)،التي أدهشت جمال بأدائها وتنظيمها وزيها العسكري.

يبدو أن&التاريخ&بدأ&يعيد نفسه على آشوريي ومسيحيي القامشلي.&ففي صباح&(يوم 28 آب الماضي)&أقدمت ميليشيات&(حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي،&على&اغلاق المدارس الخاصة بالكنائس السريانية،&وإن&بدا&ظاهرياً ابطال&"المشهد&الهوليودي"&هم من&ميليشيات&(حزب الاتحاد السرياني).&&يعود تاريخ&المدارس الخاصة بالكنائس (السريانية،&الآشورية،&الكلدانية&،الارمنية)&،الى ثلاثينيات القرن الماضي.&اي&قبل استقلال الدولة السورية. هذه المدارس تندرج في إطار هامش الحريات الدينية.&لا فضل لـ(النظام البعثي العروبي)الشوفيني،&على&المدارس&المسيحية&.&فهي&ليست،&كما يظن ويعتقد&الكثير من الأكراد وغير الأكراد،(امتيازات) منحها&الرئيس الراحل&(حافظ الأسد)للمسيحيين&.&الدولة السورية&الى تاريخه لم تقدم أية مساعدات&(نقدية&أو عينية)&للمدارس&الخاصة بالكنائس، رغم دورها الكبير&في&نهضة&وتقدم مجتمع الجزيرة، على الصعيد&(الثقافي&،الاجتماعي&،التعليمي&،التربوي)&. مدارس، تُعد اليوم من&أبرز&رموز الوجود&الآشوري(سرياني/كلداني)&والمسيحي&عموماًفي الجزيرة السورية.&من هنا&علينا&أن&نتفهم حالة الغضب والاستياء الشديدين التي عمت المجتمع&(المسيحي)، عندما هددت ما يسمى&بـ"الرئاسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في اقليم الجزيرة" التابعة لما يسمى بـ"الإدارة الذاتية&الديمقراطية"&الكردية،&بإغلاق&هذه المدارس ،ما&لم&تخضع لقوانينهاوشروطها&،وما لم&تتقيد&بمناهجها،&كبديل لمناهج الدولة السورية.&رؤساء وكهنة الكنائس المسيحية في الجزيرة والفرات،&ردوا على تهديدات&"الادارة&الكردية"في بيان لهم صدر&يوم&18 آب&الماضي&أكدوا&فيه على&'' رفضهم الخضوع لإملاءات سلطة الأمر الواقع و&اغلاق&مدارسهم&واستبدال&المناهج الحكومية بمناهج الادارة".&بيان&الكنائس&شكل&حافزاً مهماً لانتفاضة&السريان&الآشوريينومعهم الارمن&وبعض المتضامنين من الأخوة العرب. وقد تمكنوا&في غضونساعات من&تحرير المدارس السريانية الأربعة&من سطوة الميليشيات، من غير أن يهابهم&الرصاص&الحي،&الذي اطلقه المسلحون في الهواء لتفريقهم.&بهذا الانجاز&اصبح &يوم 28 آب 2018 بدلالاته&(الوطنية والسياسية والقومية)&يوماً&قومياً&وطنياً&تاريخياً في حياة الآشوريين السوريين.&

البعض،&ممن لم يسُر&لهم هذا الانجاز،&استخف بوعي وقدرات&السريان الآشوريين ، بربط&انتفاضتهم&بألاعيب ودسائس&النظام السوري&. نسأل هؤلاء، ألم يكن الأولى بهذا&"النظام&العبقري"&أن يدفع بجمهوره&وطابوره ،من بعثيين وغير بعثيين ، للخروج بتظاهرة&لتحرير( مئات المدارس والمؤسسات والدوائر والمباني الحكومية) من سيطرة ميليشيات/أسايش( حزب الاتحاد الديمقراطي)، بدلاً من تحرير&(المدارس السريانية)&؟؟.&السلطة التي ساومت على (المدارس&والمؤسسات&الحكومية)&،لا يهمها مصير&المدارس السريانية&والمسيحية&ولن تدافع عنها.&الآشوريون والمسيحيون لم ينتفضوا&، كما&يروج إعلام&(حزب الاتحاد الديمقراطي)&الكردي، &دفاعاً عن مناهج&البعث ونهجه الشوفيني المعادي&للثقافات واللغات الأخرى الغير عربية .&السريان الآشوريين&انتفضواحين أدركوا بأن مدارسهم وقعت&ضحية&(شريعة&من لا شرعية له).&انتفضوا ضد انتهاك حقوق وحريات الكنائس في إدارة مدارسها.&انتفضوا ليقولوا&"لا لهكذا&إدارة كردية" .&انتفضوا&للدفاع&عن&مستقبل&آلاف الطلاب&والطالبات&من مختلف القوميات والديانات احتضنتهم المدارس المسيحية الخاصة&.&فما&قيمة (الشهادة الثانوية) التي يحصل عليها&الطالب بالمنهاج&(الكردية&أو السريانيةأو الأرمنية)&وأبواب&(الجامعات والمعاهد والاكاديميات العلمية)&مسدودة&بوجهه&؟؟.&

من الخطأ تصوير ما&شهدته&القامشلي يوم 28 آب الماضي على أنه صراع (كردي –&آشوري&)&.&على مدى ست سنوات&من عمر &ما يسمى بـ"الادارة الذاتية الديمقراطية"،&الأكراد&، خاصة المعارضين لنهج وسياسات&القائمين على هذه الادارة،&كانت معاناتهم أشد من معاناة&الآشوريين.&ومن الخطأ&أيضاً ،&تصوير ما جرى&على أنه&صراع&بين موالين للنظام&السوري&ومعارضين له . لأن الأحزابالمنخرطة بـ"الادارة الذاتية"&ليست على خلاف عميق مع النظام،&بل هي مقربة منه&وتتعاون معه&بشكل أو آخر. ففي الوقت&الذي&اقتحم&مسلحو هذه الأحزاب(المدارس&السريانية)،&كان وفداً&عنها بدمشق يستجدي النظام&(حقوقاً وامتيازات)&.&بالمقابل،&الذين انتفضوا&وحرروا المدارس،&كانوا من مختلف الطيف السياسي والفكري&والاجتماعي، بينهم موالون وبينهم معارضون لـ"حكم الأسد".&فرغم&(الانقسام السياسي)الحاد،&داخل&المجتمع&السرياني&الآشوري والمسيحي ،على خلفية الأزمة السورية الراهنة،&قضية&(المدارس&المسيحية)&وحدت&الشارع المسيحي.&لأن الجميع أدركوا&وتيقنوا&بأن المراد من السيطرة على المدارس السريانية&والارمنية، ليس&شرعنة&التعليم باللغة السريانيةوالارمنية،&وإنما &(كسر ومصادرة ارادة المجتمع السرياني الآشوري&والارمني )&والمسيحي عموماً، وللقضاء على&ما هو موجود (على تواضعه) من تعليم اللغة السريانية&والارمنية&في&المدارس الخاصة الى جانب تعليم المنهاج الحكومي.(حزب الاتحاد السرياني)، الذي يزايد في قضية (التعليم السرياني)&والحقوق القومية&والثقافية للآشوريين(سريان/كلدان) هو&على يقين تام بأن&طالب واحد، آشوري (سرياني كلداني) أو مسيحي ،&لن يدخل مدرسته، إذا استبدل&(مناهج الدولة السورية)&بمناهج "الادارة الذاتية"&.&

قضية التعليم،&قضية&(مجتمعية&حقوقية&قانونية&فوق سياسية)، لا ترتبطبشكل مباشر&بطبيعة&النظام السياسي القائم في البلاد .&لهذا،&كان يجب تحيد(قطاع التربية و التعليم) عن الصراعات والتجاذبات السياسية والعسكرية،التي تعصف بالبلاد.&&وكان يجب&تأجيل (قضية المناهج) الى حين اتضاح شكل سوريا الجديدة وإنجاز الحل النهائي للأزمة السورية .&لكن للأسف&(حزب الاتحاد الديمقراطي)&الكردي،&تعاطى مع قضية التعليم، البالغة الحساسية، &كمن "يضع العربة أمام الأحصنة".&قيادة&الحزب، وهي&تأخذ من "جبال قنديل" العراقية مقراً لها، تتصرف &من خلال ممثليها في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال الشرق السوري ، بـ"منطق الدولة"، اي كأنها هي "الدولة الشرعية" و&(الدولة السورية) زالت ولم يعد لها وجود&، في حين هي&قائمة ومعترف بها وبشرعيتها من قبل الأمم المتحدة &والمجتمع الدولي.&استمرار هذا (المنطق الأحادي)،&الذي لا يستقيم مع الواقع ويتجاهل حقوق ومصالح الآخرين،&من شأنه أن يؤجج&الاحقاد العرقية والكراهية الدينية الكامنة في&قاع المجتمع&السوري.&ناهيك&عن&إن منطق&"الدويلة"&داخل الدولة، &يعزز&الشكوك ويعمق&المخاوف من&وجود "نزعة انفصالية" وخطط لتقسيم الدولة السورية، لدى&(حزب الاتحاد الديمقراطي)&وحلفاءه&الأمريكيين.

باحث سوري مهتم بقضية الأقليات

[email protected]