تبقى الغريزة الجنسية &واحدة من أهم الغرائز وإن كانت&لا تعلو على غريزتي &الجوع والعطش .. وتتقد هذه الغريزة &عند الرجل&والمرأة&في سنوات المراهقة وإن&لم تكن بنفس&النسبة&.. والأكيد أنها&لا تتوقف عند سن معين.. ولكن وفي مجتمع ُمغلق ُيحرم &الإختلاط &حتى في سنوات براءة &الذكر والأنثى تخلق الكثير من حب الإستطلاع &الذي ينتج عن&الكبت &والذي يتطور إلى تحرش ..&تهذيب هذه الغريزة & يختلف من مجتمع لآخر&بحسب مدى الحريات والإختلاط الطبيعي منذ الصغر .. النتيجة في المجتمعات المغلقة زيادته وخروجه عن المعقول بينما&يستطيع المجتمع الآخر تحجيمه&من خلال القضاء والقوانين الرادعة ..&وإن كان كلاهما &لن يستطيع القضاء عليه ..

أول مناقشه علنيه&في الغرب&لموضوع التحرش بدأت مع &فضيحة &المخرج الأميركي هارفي وينشتين . بعدها إستفاقت العديد من الدول الغربية لوجود التحرش في مجتمعاتها منذ الأزل .. وإستفاقت أيضا إلى أن & التحرش تهمة من السهل توجيهها&.. ولكنها&جريمه من الصعب إثباتها&.. نظرا &للحريات الممنوحة لكل أفراد المجتمع ونظرا للخط الفاصل الرفيع بين &ما إذا كان هناك تحرش غصبي أم&برضا الطرف الآخر .&ولكن وإن جرمتها الدول الغربية&بعقوبات تختلف من دولة إلى أخرى ..&كما في الولايات المتحدة التي تصل عقوبتها للسجن مدى الحياة إضافة إلى غرامة تتعدى &ربع مليون دولا ر .. إلا أن النقاش والحوار حول القضاء عليها &لا زال مفتوحا&في كل الدول الغربية&..

مناقشة جريمة&التحرش في المنطقة العربية والتي كانت&تتفشى &الظاهرة&فيها منذ أجيال ويصعب تأريخها..&&مما عمل على&زيادة&تفشيها&في كل المجتمعات العربية لعدة أسباب سأحاول تلخيصها .. تصاعد الإسلام السياسي الذي&روّج لمجتمع ذكوري بإمتياز وربط&صعودة بهوية المرأة وجسدها ..&مرتبطا بالتفسيرات وتأويلات دينية تتأرجح كلها &في متناقضات&ُتغذي العقلية الذكورية وتؤدي إلى الإلتباس &فيها &..&

-ما بين تكريم المرأة وبين &إحتقارها ودونيتها ..والتي تتأرجح &ما بين النص الديني&&وأغلبية الأحاديث &الضعيفة&أو المُختلقة &في صحيح البخاري ..&

-ما بين حقها في الخروج للعمل .. وما بين الركون إلى البيت وعدم الخروج منه ..&

- ما بين تطبيق الحكم الشرعي &وبين تشريع قوانين &رادعة تضمن &تحجيم التحرش ..&

فالحكم الشرعي حسب الشريعة .. &هو التعزير وهو ما ُيعتبر تأديب على ذنوب لم تشرع فيها حدود .. ونظرا لعدم وجود نص شرعي قطعي &فالتعزير هنا مسئولية &الحاكم (ولي الأمر) .. ؟؟ &الأمر الذي قيّد الحكومات العربية لتشريع قانون رادع &للقضاء على ثقافة &التحرش التي تبتلي بها المرأة .. &

وتبقى القوانين &لمعاقبة الجاني ُتراوح مكانها وليست عقوبات رادعة & ..بحيث تدور هذه المجتمعات المبتلاة &بها &في دائرة مغلقة تدور على نفسها .. وتبقى المرأة الضحية تجتر&معاناتها &النفسية والجسدية وتدور عجلة اللا أخلاقية &والسكوت المجتمعي &ليبقى ويتصدر وباء &التحرش برغم كل مظاهر الدين والتدين ... &

وجميعها&إرتكزت على &الموروث الديني الذي غذى المروروث الثقافي &وعمل على خلق شخصيات&ذكورية &مزدوجة&في شخصيتها&ما بين البيت والشارع&..&والتدين&أو عدمه&... ما بين &الحق المجتمعي في الإختلاط&أو تحريمة ..&مابين حقوق المرأة &وبين حرمانها من كل الحقوق .. &في مجتمع الخوف ومجتمع الستر &ومجتمع يستند &كليا إلى تفسيرات فقهية &ُتعورن &المرأة &وُتبرر للمتحرش كل أفعالة ..&وندّعي بأننا مجتمعات &متدينة في طبعها وفطرتها &بينما&ينتشر بيننا الغش والخداع &والنفاق والفساد &&وتتعرض أكثر من 85% من &النساء للتحرش .. &المشكلة الكبيرة&أن المرأة المتلقية &لهذا التحرش&خوفا من&المجتمع&الذي&ُيحملها المسئولية&كاملة &..و&تتقي ألسنة هذا المجتمع&بالكتمان . ويساهم المجتمع أيضا في إفلات الجاني من العقوبة تحت مبدأ الستر وعدم الفضيحة&..&

في مكالمة هاتفية مع قناة ال بي بي سي العربية قبل يومين .. تكلمت إحدى المشاركات &لتؤكد بأنها مسؤولية العائلة والبيت .. ولم تفطن بأن المجتمعات العربية في كل دول المنطقة .. إنقسمت ما بين 15% تعيش حياة تختلف كليا عن بقية التركيبة المجتمعية .. بحيث يكون &الإختلاط والتعليم &في مدارس أجنبية &ُتقلل جرعة الدين فيها ؟؟ بينما تردح الأغلبية الأخرى في فقر ومدارس حكومية تخضع لدراسات دينية &ُمكثفة تؤكد على تحقير الأنثى ودونيتها .. فما بين تلك الدراسات وبين الخطاب الديني من خلال المساجد &الذي عمل على ثقافة &كره الأنثى .. وقتل الأنثى &في حالة خطؤها .. بينما ُيبيح للرجل كل &غرامياته ويعتبر إستهانته بقلبها شطارة .. &بحيث تجعل تلك الفتاة التي تتحداها&وتخرج إلى الشارع&ُمباحة وُمستهانه من قبل &أي رجل..

نعم التحرش موجود في كل المجتمعات .. ولكنه غير مدفوع في الغرب بكراهية المرأة .. والتبرير المجتمعي &للجريمة ..&

قبل سنوات ومن خلال الحديث مع صديقة ذهبت لمسجد بعد تدخل واسطة &لمساعدتها للحصول على وظيفة .. أخبرتني كيف وبمنتهى البساطة والوقاحة &حاول&أحد كبار علماء الدين&التعدي عليها.&

التحرش ليس إلا عنف وسادية تجاه المرأة &لهدر كرامتها &وإعادتها للمنزل خانعة طائعة ..تساهم فيها المرأة بعدم الإبلاغ .. ويساهم فيها المجتمع الذي يعتنق الفكر الذكوري البحت &بالصمت والسكوت تحت &مبدأ الستر للمرأة &وإيجاد ُمبررات للجاني ..والستر الذي&ينطبق على المرأة بينما يتغاضى عن&جرائم &الرجل &المجتمعية ؟؟&وُتساهم فيها الحكومات العربية &بعدم تجريمها كليا ...&وتبقى امرأة الضحية تنتظر عدالة السماء &.. ويبقى المجتمع الذي يدفن رأسة في الرمال &مريضا ومهووسا &وُمشتتا&بين&المروروث الديني &وخطاب ديني &متناقض في معانية لا يدعو إلا لتقوية الوازع الديني .. بينما يروّج &لأحد الأحاديث &المشكوك فيها &إن المرأة ُتقبل في صورة شيطان &وُتدبر في صورة شيطان.