مازال وكما كان دائما وابدا فان الدول الغربية تتعامل مع الشعوب والدول الشرق الاوسطية"الاسلامية"وفق مصالحها الاقتصادية وليس وفق اسسها الفكرية الانسانية الليبرالية الديمقراطية ، ولا وفق منطلقاتها&الايديولوجية الدينية التاريخية الصليبية كما يحلو للبعض&ان يبرر وجودها في المنطقة&،&كل شيء عندها خاضع للمصلحة المادية مهما كانت مغموسة بدماء الابرياء وليس للعاطفة والرحمة اي مكان في هذه المعادلة المادية ،&كل شيء يتم وفق&قاعدة المقايضة وعلى اساس العرض والطلب ، &ومن اجل الاحتفاظ بتلك المصالح لابد من وجود قوة رادعة تحت الطلب للتدخل حين تتعرض تلك المصالح للخطر ، سواء كانت بالاصالة اوالوكالة ، اي من خلال قواتها الرادعة في المنطقة ومن خلال القواعد العسكرية او الغزوالمباشر&او الاتفاقية الثنائية المشتركة مع دولها ، او من خلال دعمها لميليشات دينية اوعرقية&اوقوات شبه نظامية ، فالاولوية&الاستراتيجية في الوقت الحاضر وعلى المدى القريب&للقوة&وليس للديمقراطية التي تسوقها اعلاميا ، وهذه الحقيقة لم يدركها&رئيس حزب الديمقراطي الكردستاني"مسعودبارزاني" عندما اصر على اجراء الاستفتاء رغم معارضة العالم وظن ان الولايات المتحدة كحليف قوي لن تسمح للقوات العراقية وميليشياتها الطائفية بغزو مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها وستتدخل لصالح&القوات&الكردية&في النهاية! ولكن عندما رأى انها وقفت متفرجة لاتحرك ساكنا قال ؛ ان امريكا تخلت عنا&وغدرت بنا ثانية في اشارة الى تخليها&السابق&عن دعم الثورة الكردية بقيادة مصطفى بارزاني الاب عام 1974وتركتها لمصيرها المجهول!.

هذه ديدن امريكا والدول الغربية بشكل عام مع الانظمة الدكتاتورية العربية الاشد قمعا ووحشية&ضد&شعوبها مثل نظام حسني مبارك والقذافي وزين العابدين والاسد في سوريا ،&ولكن عندما اندلعت الثورات الربيعية العربية سرعان ما تخلت عن هذه الانظمة بسهولة وباعتها في سوق النخاسة بثمن بخس لان مصلحتها تقتضي ذلك! وكما اخطأ رئيس الاقليم السابق"مسعود بارزاني" في تقديره لسياسة امريكا البرغماتية وتعاملت معها بنفس عاطفي وانساني ، كذلك اخطأت المعارضة الكردية في تقديرها للاولوية الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، وظنت ان الديمقراطية والنزوع الى الليبرالية وتطبيق مبادئها هي التي تقربها اليها وتحوز رضاها ولكن نسيت ان الاولوية الامريكية للقوة في المنطقة وليست للمفاهيم الديمقراطية! وربما ادرك حزبي السلطة الديمقراطي والوطني الكردستانيين هذه الحقيقة وبدءا بممارسة القوة ضد المعارضة من غلق البرلمان واحتكار السطة وفرض الاتفاقية الثنائية"الاستراتيجية"على الشعب وما يترتب عليها من توزيع موارد الاقليم ومناصب البلاد بينهما بالتساوي على مرأى ومسمع من امريكا والدول الغربية التي تغاضت عن هذه الاجراءات غير القانونية لانها مع القوة ومن يمتلكها وليس مع الحالمين الديمقراطيين!

ورغم ان الديمقراطية تعتبر من ارقى النظم السياسية والاجتماعية وهي نقطة النهاية في التطور الاجتماعي والثقافي للانسانية والشكل النهائي للحكومات بحسب فرانسيس فوكوياما ،&فانها&لدى&الانظمة الفاشية شعار لتعميق القمع&السياسي ، فمن&غير الممكن ان تكون الديمقراطية في بلد مثل&الصومال او العراق او اقليم كردستان نقطة النهاية للتاريخ او لاي شيء لانها&غير مؤهلة اصلا للديمقراطية!.

فعلى القوى المعارضة الكردية ان&تنتهج سياسة اكثر واقعية وتتناغم مع الاستراتيجية الغربية في الاقليم والمنطقة وتحل مشاكلها&مع السلطة&بروية وهدوء وعبر الحوار والتنازل عن بعض شروطها الحدية القاسية،&ولاتستعمل الديمقراطية والدستور كقميص عثمان &لاثارة المجتمع ، فالوضع الذي يمر به الاقليم دقيق وحساس وهو على كف عفريت ، واي خطأ ستفلت الامور عن عقالها ، وينحدر السلم الاهلي الى الهاوية ، وسيكون الجميع خاسرا ولن ينجوا منه احد.