&

عندما سُئل العقّاد ذات مرة :
هل الفنون الجميلة مِن ضرورات الحياة، أم هي كماليات تأتي بعد لقمة العيش ؟
أجاب : " بوسعنا العيش دون ملكة النظر سبعين عاماً دون أن نهلك، ولانقدر أن نعيش سبعين يوماً دون الرغيف، ولم يقل أحدٌ لهذا إن الرغيف أهم من البصر!
وبتقييم السوق : الرغيف أرخص من كتاب، والتمثال أغلى من الثوب، فقيمة الشىء لاتتعلق بقدر الحاجة إليه، بل بقدر مانصبح عليه إذا حصّلناه، فتحصيلنا الرغيف يساوينا بسائر الأحياء، ولكن تحصيلنا الجمال لايجعلنا أحياء وحسب، بل يجعلنا بشراً ممتازين في أمّة ممتازة، تُحسُّ وتُحسن التعبير عن إحساسها.
الضرورات توكلنا بالأدنى من مراتب الحياة، أما الذي يرفعنا إلى الأوج من طبقات الإنسان فهو الفنّ.
هكذا أجاب العقّاد .. أوجز فأجاد وأفاد، وقد تذكرت كلامة وأنا أستمع لكلمات زميلنا الإعلامي والناقد الفنّي المعروف يحيى مفرح زريقان أثناء محاضرتة عن " سفينة الألحان " الموسيقار الراحل عبدالله محمد يرحمه الله، والتي نظمها ملتقى الرياض الثقافي وإحتضنتها أروقة نادي شركة الكهرباء السعودية في الرياض، ولأنني أرى بأن وظيفة الفنّ الأساسية هي نشر الأمل والدهشة التي تُحيلنا إلى التأمّل الذي يُساعد في تهذيب الروح والإرتقاء بالعقل إلى أعلى المراتب، وهذا مافعله الموسيقار الراحل عبدالله محمد، ومِن ذلك الإرتقاء أن ننحاز للجمال بكافة صورة وأشكالة إنحيازاً يجعلنا نفكر في ماهيّة هذا الجمال وحقيقتة بشكل يدفعنا للبحث والتقصّي وطرح الأسئلة ومحاولة فهم كل مايُحيط بهذا الجمال من غموض وطلاسم قد تكون مُعقّدة وغير مفهومة من خلال المعلومات المتوفرة والمتاحة.
لهذا إخترت أن أوجّه سؤالي للزميل زريقان بإعتباره واحداً من أهم العارفين بدهاليز وخفايا وأسرار الفنّ السعودي كونه أمضى جُلّ حياته ( أكثر من ثلاثة عقود ونيف ) في الصحافة الفنيّة وإستطاع أن يختطّ لنفسه مساراً ميّزهُ عن الكثيرين، وتوّجه " فنارَ إشعاعٍ أضاءَ سناهُ " لكُلّ الطلاليين، فإستحق أن يكون نجماّ يُستدلُّ به ويؤخذ منه، فلديه تفاصيل الكثير من الخبايا والحكايا الفنيّة المنسيّة أو المسكوت عنها، ولعلّ ألحان عبدالله محمد هي أحد تلك القضايا العالقة والتي تمّ السطو عليها من قِبل بعض الفنانين دون الإشارة إلى اسمه أو إستإذانه أو إستئذان ذويه، وقد أجاب الزميل زريقان على سؤالي قائلاً :
لدينا ثروة فنيّة كبيرة تمّ التعامل معها بصورة غير لائقة رغم جودتها ومعياريّتها من حيث القيمة العالية التي تحملها، وهذا الإهمال الذي تعرضت له فنوننا وموسيقانا جعلها عُرضةً للسطو عليها بشكل مقصود أو غير مقصود، ومن المؤلم جداً أن موسيقاراً بحجم ومكانة عبدالله محمد الذي قدّم أعمالاً لا تستطيع أن تُحصيها نجدها متداولة بين آخرين ولا نعرف من هو صاحب هذه الألحان !
وهنا قاطعتة وطلبت منه أن يُسمّي لنا تلك الأعمال المسروقة فأجاب قائلاً :
كثير مثلاً عندك " يا ناعس الجفن "، وكذلك " سكة التايهين "، وَ أغنية " إلا منّي نسيت الهمّ ساعة " وَ أغنية " أسمر عبر " وَ " هيّجت ذكراك حبّي " وغيرها الكثير، وقد سبق أن نشرت تحقيقاً مُفصّلاً عنها في مجلة اليمامة قبل سنوات.
إلى هُنا انتهت إجابة الزميل زريقان عن سؤالنا له عن ألحان عبدالله محمد المسروقة وهي الإجابة التي جعلتنا نتساءل .. مَنْ سرق ألحان الموسيقار الراحل عبدالله محمد؟
&