بينما كانت مدينة السليمانية وكردستان عامة تحتفي بالذكرى الثامنة والعشرين على إنطلاق شرارة الإنتفاضة الشعبية الشاملة على نظام البعث الفاشي من محافظة السليمانية وتحديداً من مهد الإنتفاضة وبوابتها مدينة رانيا كانت تتوزع الشاشات في كردستان بين نقل مراسيم إحياء ذكراها ونقل مجريات ملتقى السليمانية في دورته السادسة والذي كان يغص بعشرات كبار رجالات الدولة والسياسة والفكر& والإعلام حول العالم ممن إحتضنتهم عاصمة الثقافة الكردستانية والمدينة الكبرى الأولى التي تحررت من النظام ولتكر& سبحة الإنتفاضة بعدها وتتوالى إنتفاضات المدن والقرى والقصبات الكردستانية معلنة طرد النظام وكنس أجهزته القمعية والأمنية .
فليس خافياً أن التجربة الديمقراطية في كردستان على علاتها وعلى ما يعتريها من مثالب وملاحظات وما تستحقه من نقد جذري حتى لكنها تبقى في خطها العام وفي المحصلة منجزاً تحررياً قومياً وديمقراطياً للكرد في مختلف دول المنطقة وللقوى الديمقراطية في العراق والشرق الأوسط ككل .
وكم يبدو المشهد عابقاً بالمعاني والدلالات أن السليمانية بعد نحو& ثلاثة عقود في ذكرى إنتفاضتها وعندما كان النظام طيلة عقود يحظى بمظلات عربية وإقليمية ودولية تغض الطرف بل وتسانده جهاراً نهاراً في حربه الإبادية المجنونة على كردستان وشعبها ها هي تحتضن ساسة ومفكرين وصناع قرار& ومن مختلف الدول العربية بالدرجة الأولى ومختلف بلدان الإقليم والعالم ما يشي بترسخ مكانة الإقليم وتجربته وتحوله إلى واقع كياني دستوري وقانوني وعامل سلام وإستقرار ودمقرطة في بلاد الرافدين والمحيط الإقليمي ككل لا يمكن تجاوزه وإعادة إنتاج المقاربات العنصرية والشوفينية بحقه والتي لطالما وسمت التعاطي مع القضية الكردية في هذه المنطقة .
فمع تجربة كردستان العراق ثبت أن الكرد شعب جدير& بالحياة والحرية وبحجز مكانه اللائق تحت الشمس وأن بإمكان الكرد إدارة أنفسهم بل وتقديم مخارج ونماذج الحل على الصعيد الوطني العراقي العام وهذا الإنفتاح العالمي والإقليمي فضلا عن الداخلي العراقي على الإقليم خير شاهد فكردستان غدت منصة لتجربة نادرة لشعب تمكن من الإتصار على نظام الأنفال والمقابر الجماعية والسلاح الكيماوي والإسهام في بناء عراق ما بعد البعث بل وتبوء صدارته على ما دللت تجربة ترؤس مام جلال للعراق الاتحادي كأول رئيس منتخب وكردي في تاريخ هذا البلد بل وفي تاريخ المنطقة .