كما تكون التساؤلات&عبارة عن&أثافي&أساسية ترتكز عليها&الكثير من&الأبحاث والدراسات في أي حقل من الحقول المعرفية،&وكما كانت النواة&الأولى&والخلية الرئيسية&في&الفلسفة&هي&التساؤل،&كذلك&كان تساؤل&الصديق&(كرم&ربيع)،&دافعاً رئيسياً&لديّ&لأن أعود إلى الزمن الذي عاش فيه كل من&المتصوف&حسين بن منصور الحلاج والشاعر أبو نواس،&حيث&النقاش&كاندائر&حول سبب&قتل الحلاج&كرجل تقي ومتصوف ونبيل،&بينما لم يقترب أحد من أبو نواس صاحب السكر والعربدة&وتاريخه عامر بالعهر&والمجون.

وهو ما دفعنا&للعودة إلى المدونات المكتوبة عن الشخصيتين المذكورتين أعلاه، وبالتالي التوصل المبدئي&لتصورٍ&مفاده&بأن حالنا في الزمن الراهنمن جهة التخلف الاجتماعي&والنيل من الأفاضل وإعطاء الحرية&الكاملة&لأوباش المجتمع،&ومن ثم&المسارعة&إلى&تكفير الآخر&بناءً على&المصلحة أو&الهوى لا يختلف عن حال الناس في تلك المرحلة التي عاش بها الحلاج،&كما&أننا بعد العودة الى مدونات السلف استنتجنا&بأن السبب الرئيسي&لصلب الرجل&ليس موضوع الخروج عن الدين أو الكفر، إنما الدافع&الأبرز لنحره&كان&السلطة&وتلفيقات&الحائمون في فلكها، وذلك لأسباب سياسية صرفة،&ويمكننا&القول بأن الحلاج لم ينل ما ناله&إلاّ&بناءً على&حسه الإنساني الرفيع،&والمواقف الشجاعة له&في&اعتراضه على ظلم السلطة ودفاعه&المستميت&عن المظلومين،&وتأييده&لثورات الزنوج والقرامطة ضد الخليفة العباسي، إذ تؤكد&المرويات بأن&الحلاج&كان&يتجول فى&أسواقالبلاد،&فينتقد الأوضاع السائدة فى عصره&دفاعاً عن العامة،&نظراً&للمعاملة القاسية التى كانوا يلقونها حينذاك&من&عسس&الدولة&ومتنفذيها&وأبواقهاوالمستفيدين منها، كما كان دائم الحديث عن إصلاح أحوال العباد والحكام، فهو&بالتالي&ما كان مصدر إنزعاج لدى محبكجية (المزاودين)&الخليفة في زمانه، فدبروا&له مكيدة&خسيسة من مكائدهم،&وحوكم على إثرها محاكمة&شكلية،&بعد&اتهامه بالإلحاد والزندقة، حيث&اتُّهم بالسحر وادعاء الألوهية، علماً أنه&وفق المرويات التاريخية&أنه&أثناء محاكمته&الجائرة&قال الحلاج:&"ما لكم أن تتهمونى بما يخالف عقيدتى، ومذهبى السنة، فالله الله في&دمي".

عموماً فما فعله جلاوزة السلطة بالحلاج ماضياً،&هوعين ما&فعله أتباع تنظيم&داعش&راهناً&ولعدة&سنوات في سورية&والعراق،&فهم&عدا عن حربهم المفتوحة على الأيزيديين ومن بعدهم&المسيحيين،&حاربوا كل المتنورين من&المسلمين،&فانتهكوا أعراضهم وهدروا في مناطق سيطرتهم دماء كل من لا يسير وفق نهجهم الدموي، وذلك&بأحكام&أخرجوها من جيوب&المنفعة&وأهوائهم الإيمانية،&مخالفين فيها&آراء الملايين من أنصار نفس المذهب&والكتاب الذي يذبحون الغير بسيفه،&وذلك&اعتماداً على&بعض&الأحاديث الواردة فى كتب&التراث والتي ربما نجد عشرات الأقوال&التي تبرِّر&اللجوء إليها حينها وليس&العمل بها في&الوقت الحاضر،&وبالتالي&الأخذ ببعض الآراء الفقهية والتفسيرية لأئمة&مثل:"ابن تيمية"&و"ابن باز"&والتي&لا تحرم&قتال الآخر على عمومه،&واللجوء إلى&نسخ حكم آيات ترسخ لشن حروب دينية تبيح الدماء باسم الدين، فى مقابل إثبات حكم آية واحدة،&أي&آية السيف الآمرة بالقتال؛&ولو&كان ذلك&مخالف&لكل&الأعراف والمواثيق الإنسانية الراهنة؛&ولكن من يمنع الدواعش من جرائمهم بينما&رصيدهم&تعاظم بالأهواء الشخصية&مع&الدعم&اللامحدود منالسلطات الاقليمية،&وتضخّموا&نتيجة&الإلتفاف&المحلي&حولهم،&هذا في حال&إبعادنا&قصة الدعم&المالي واللوجستي&الذي تلقوه من&أجهزة مخابرات&الدول.

والجانب الآخر&من&الشبه بين حالنا راهناً وحال الناس في المنطقة منذ قرون&خلت،&متعلق&بعادة&الثأر التي لا تكون&عادةً&إلاّ&بحق&أفاضل المجتمع ورواده ومتنوريه، ولا يتم القصاص&من أوباشه ومنتهكي أعراض الأوادم&فيه كما من المفترض أن يكون،&وكما كان بالضبط في زمن الحلاج ومن كانوا على خلاف أخلاقياته،&إذ أن المجتمعات&المعاصرة&في بلادنا ورغم كل التطور الحاصل فيها من جهة الاتصالات والتكنولوجيا&وعلوم الإدارة،&إلا أن ثمة جانب واحد بقي على حاله،&ولم يتحسن أو يتطور&ذلك الجانب في&حياة المواطنين الذين&تغيرت كل أنماط حياتهم باستثناء ذلك الجانب المتعلق بالتخلف الاجتماعي، ألا وهي قضية الثأر،&إذ معروف في العرف العشائري أو القبلي أنهم في حالات الصراع الدموي الذي يفضي إلى قتل أحدهم بيد&فاعلٍ&واحد&أو&فاعلين منتمين لعوائل أو عشائر أخرى،&أنهم لا يقتربون من الأوباش أو الحثالات في العوائل أو العشائر الأخرى، إنما يختارون مفخرة تلك العائلة أو العشيرة ليقوموا بتصفيته، وبناءً على المفاضلة اللعينة بين النبيل والدنيء،&لا يتم إلاّ&اختيار&أفضل الخَلق اجتماعياً أو&سياسياً أو علمياً أو خُلقياً من الطرف الآخر حتى يتم هدر دمه تأكيداً على التمسك بعرف&الثأر الجائر، والحالة هذه&فكأن&ثمة جينات داخلية في بنية المجتمع تحث على التقهقر والانشداد نحو السلف ليس حباً بالزاهي والقيّم لديه،&إنما الحنين&لا يكون&إلاّ&إلى أسوأ ما&توارثناه عنه، وكأن&ثمة ما يحض&أبناءالحاضر&إلى التخلص&ممن&كان نبراساً&كل همه المضي&للأمام،&وذلك&كرهاً بالتقدم وحباً بالاِرتكاس، لذا ومن باب الحفاظ على موروثات التخلف ولكي يثبتوا&تعلقهم&بكل ما&كان من&الغابر&يقومون&من فترة إلى أخرى بقتل الرموز المتطورة،&لئلا تنقطع أواصر العلاقة مع المنصرم&بكل ما فيه من الأوبئة، حيث يُظهرون من خلال ممارساتهم تلك بأن الماضي&نفيسٌ &بأكمله،&ولا ينبغي التخلص من أي&جزئية منه مهما كانت تلك الجزئية مناهضة لكل القيم الإنسانية وحضارة العصر&الراهن.