برن: بعد سبعة أعوام من فتحِ معتقل غوانتانامو، جدّدت منظمة العفو الدولية في موفى الأسبوع، من خلال تحرّكات احتجاجية نظمتها في شتى أنحاء العالم، مطالبة الولايات المتحدة بالإغلاق الفوري والنهائي لمعسكر الاعتقال السيء السمعة.

وفي برن، دعا الفرع السويسري لمنظمة العفو أيضا أن تمنح الكنفدرالية حقّ اللجوء إلى ثلاثة من السجناء الذين تمت تبرئتهم، وقالت مانون شيك، المتحدثة باسم الفرع لسويس انفو: quot;نأمل أن يحدِّد باراك أوباما تاريخا لإغلاق المعسكر وأن يضمن عدم قيام الولايات المتحدة بفتح معتقلات مماثلة في العراق أو في بلدان أخرىquot;.

يوم الأحد 11 يناير، وفي مناسبة مرور سبعة أعوام على افتتاح معسكر الاعتقال، المخصّـص لسجن المشتبه بارتكابهم لأعمال إرهابية في القاعدة البحرية الأميركية في جزيرة كوبا، حثت منظمة العفو الدولية على استعجال إيجاد حلٍّ للأشخاص الذين لا زالوا معتقلين في غوانتانامو.

وفي إشارة إلى الوعود التي أطلقها الساكن الجديد للبيت الأبيض، قالت مانون شيك quot;إن إنشاء معسكر الاعتقال هذا في عام 2002، كان إشارة إلى إرادة الولايات المتحدة عدم احترام دولة القانون وحقوق الإنسان، أما إغلاقه، فسيبعث برسالة ذات طابع معاكسquot;.

من جهة أخرى، تدعو منظمة العفو الدولية باراك أوباما، إلى حظر أي شكل من أشكال التعذيب والمعاملة المهينة وتكوين لجنة تحقيق، للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان المُـرتكبة من طرف الولايات المتحدة في إطار ما يُـسمى بالحرب على الإرهاب.

لا مكان يذهبون إليه
على مدى السنوات السبع الماضية، بلغ عدد الأشخاص الذين سُـجنوا في غوانتانامو، 800، لم يتبقّ منهم حاليا، إلا 250، يقدُم معظمهم من اليمن (100 شخص تقريبا)، أما البقية فيحملون جنسيات ثلاثين بلدا، من بينهم الجزائر والصين وليبيا والصومال.

من هذا العدد المتبقّـي، أعلنت السلطات المعنية أن 50 منهم مؤهّـلون للتسريح، وهو ما يعني أنه قد ثبتت براءتهم (رغم عدم خضوعهم لمحاكمة تستوفي شروط القانون الدولي) من خلال تحقيق قامت به السلطات الأميركية. ويعود استمرار مكوثِـهم في غوانتانامو، إلى أنه لا يوجد مكان يُـمكنهم الذهاب إليه.

وفي الواقع، تمّ الإفراج عن جميع السجناء القادمين من بلدان أوروبية أو من أستراليا، نتيجة للضغوط التي مارستها حكومات بلدانهم. في المقابل، لا يُـمكن الإفراج عن العديد من الأشخاص الذين لا زالوا رهن الاعتقال، لأنهم مهدّدون بالتعرّض لعقوبات لمجرّد أنهم كانوا ضمن المشبوهين، وذلك بالرغم من تأكّـد عدم وجود أية علاقة بينهم وبين أي منظمة ذات طابع إرهابي.

وعلى سبيل المثال، شملت هذه الوضعية مواطنين ليبيين أودعا السِّـجن وتعرّضا للتعذيب بعد إعادتهم إلى بلادهم.

نداء إلى سويسرا

لهذا السبب، وجّـهت منظمة العفو الدولية نداءً إلى المجموعة الدولية وإلى البلدان الأوروبية بوجه خاص، لحثِّـهم على استقبال أشخاص تقرّر رسميا الإفراج عنهم منذ عامين أو ثلاثة أعوام، لكنهم لا يتمكّـنون من مغادرة غوانتانامو.

الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية طلب من السلطات الفدرالية، استقبال ثلاثة من السجناء السابقين في غوانتانامو، وهم مواطن صيني وآخر ليبي وثالث جزائري. وقد رُفِـض هذا الطلب من طرف المكتب الفدرالي للهجرة، لكن تعقيب المنظمة على القرار، لا زال معروضا على نظر المحكمة الفدرالية الإدارية.

في انتظار ذلك، تحذِّر مانون شيك من أن quot;القرار يجب أن يكون سياسيا وليس إدارياquot;، وتضيف quot;اليوم، نقول للحكومة السويسرية ما يلي: هل أنتم موافقون على أنه يجب إغلاق غوانتانامو؟ هل تريدون دعم أوباما في هذه المهمّـة؟ إذن يجب عليكم استقبال معتقلين أو ثلاثةquot;.

حِـيَـل بوش

في سياق متصل، تتحدّث مانون شيك أيضا عن الصعوبات القائمة بوجه تحويل محتمل للمعتقلين quot;الذين يُـمكن الإفراج عنهمquot;، إلى داخل الولايات المتحدة.

فمن جهة، يُـمكن تفهّـم رفض أشخاص اعتقِـلوا بطريقة غير شرعية وتعرّضوا لسوء المعاملة بقرار من سلطات واشنطن، الإقامة في هذا البلد، ومن جهة أخرى، لا تريد الولايات المتحدة استقبالهم خِـشية اضطرارها للردّ على طلبات التعويض، التي يُـمكن أن تكون باهظة جدا. وبهذه الطريقة، تواصل حكومة بوش التفصّـي من الواجبات المترتِّـبة عن القانون الدولي وعن القوانين الأميركية نفسها.

وتُـذكّـِر المتحدثة باسم الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية، أن سلطات واشنطن quot;اختارت هذه القِـطعة من الأرض الكوبية، لأنها تسمح بحِـرمان المعتقلين من الحقوق التي يتمتّـع بها الأشخاص المسجونون فوق الأراضي الأميركية. لقد كان اختيارا واعيا من بوش، لأن القانون الأميركي لا يُـطبّـق خارج أراضي الولايات المتحدةquot;.

quot;معسكر العارquot;

هذا هو الوصف الذي أطلقته منظمة العفو الدولية على غوانتانامو، الموجود داخل قاعدة عسكرية، أقيمت على قِِـطعة من الأرض افتُـكّـت من كوبا، والذي أخضعت فيه الولايات المتحدة حوالي 1000 شخص إلى كافة أشكال الإهانة وسوء المعاملة.

quot;الحرب على الإرهابquot;، التي شنّـتها إدارة بوش في أعقاب الهجوم الذي تعرّضت له نيويورك وواشنطن يوم 11 سبتمبر 2001، أوجدت أجواء ملاحقة، أدّت إلى وصول أعداد كبيرة من الأشخاص إلى غوانتانامو، بما في ذلك quot;مزارعون باكستانيون، باعهم بعض الجيران، للحصول على الخمسة آلاف دولار المقدَّمة من طرف الولايات المتحدةquot;، ولم يكُـن لهم من ذنب، سوى استخدامهم كأكباش فداء.

في الأعوام الأولى من وجود معسكر الاعتقال، لم يكُـن متاحا للمعتقلين استقبال زوّار، ومع مرور الوقت وتصاعد الضغوط الدولية، سُـمح لعدد محدود من المنظمات الدولية بدخول المعسكر. وفي هذا الصدد، تقول مانون شيك quot;غوانتانامو، ليس سجنا سِـرِّيا مثلما هو الحال لتلك المعتقلات التي أقامتها الولايات المتحدة في العراق وفي بلدان أخرى. فعلى الأقل، يُـمكن معرفة من هو معتقلٌ فيه وفي أية ظروفquot;، على حد تعبيرها.