في مشروع نقدي ملفت للانتباه بدأ الناقد الادبي العراقي محمد جبير باصدار كتاب شهري يقرأ فيه بطريقته النقدية الاعمال العراقية السردية الإبداعية التي لم تؤشر نقديا .

&
& & صدر للناقد الادبي العراقي محمد جبير كتابان نقديان &دار الجواهري ضمن السلسلة شهرية تعنى بالسرد العراقي ، الاول يحمل عنوان (متعة القراءة &اكتشاف النص/ &قراءة في رواية خان الشابندر للروائي محمد حياوي) والثاني يحمل عنوان (دهشة السرد/ قراءة في رواية شبيه الخنزير للروائي وارد بدر السالم)&
& & & ومن الضروري الانتباه الى هذه الخطوة التي ابتكرها الناقد محمد جبير في طباعة كتاب يصدر شهريا من سلسلة (نقد الرواية العراقية) وهي ربما خطوة فريدة من نوعها ليس على مستوى العراق والعرب بل ابعد من ذلك ، اذ انه انبرى بشكل شخصي الى ان يتصدى بالنقد لما تطرحه المطابع من روايات عراقية بعيدة عن اية مؤسسة حكومية او غير حكومية خاصة مع الكلام الكثير من الادباء الذين ينتقدون ما وصل اليه النقد الادبي من مستويات متدنية غير قادرة على ان تفصح بشكل حقيقي عن الجهد الروائي عبر المناهج النقدية الصحيحة ، فكان جبير مبتكرا لهذه الفكرة /المشروع الذي يمنح الرواية العراقية فضاءات واسعة من القراءات المبنية على وعي وثقافة ومتابعة حقيقية خاصة انها قراءة نصية من داخل النص لاعترافه ان المنهج النقدي ينبع من النص السردي وليس مفروضا عليه من الخارج، ولاسيما ايضا ان الناقد له سيرة حسنة في هذا الجانب ويمتلك ادواته التي يشهد له الادباء.
&ويمكن الاستئناس بما قاله الروائي خضير الزيدي عنه (يضطلع جبير بمهمة استثنائية فردانية في دراسة مكثفة ومختزلة وهو يلاحق المنجز الروائي العراقي تحديدا، بمهمة نقدية لم يكن معطفها النقد الأكاديمي ومساطرها القسرية التي تطبّق حصرا على روايات وتهشيم روايات أخر. فهو يعد كل منجز روائي عراقي في تلك الظروف هو استثناء من الخراب العام) .
&واضاف: تلك الخطوة ستعد مستقبلا مرجعية حتمية للدارسين والمتابعين والطلبة الأكاديميين وموجها ذكيا لقيادة الذائقة العامة والشعبية لكثير من شرائح القراء الذين تجذبهم ما يتقوّل الآخرون عن رواية بعينها، وسرعان ما يكتشف القارئ الذي لا تتطابق ذائقته مع تلك الرواية &بهتان الرأي المجاني. فكانت عصا قيادة الذائقة القرائية لجبير موجها معرفيا وأمينا لتوجيه دفة القراءة نحو صوب الروايات العراقية الإبداعية التي لا يصاحبها دعم إعلامي.&

دهشة السرد&
& &يقع &كتاب دهشة السرد بـ 87 صفحة من الحجم المتوسط ، وتضمن 10موضوعات هي : اقرب الى المدخل.. لحظة فرح،رصيد القناعات،سحر النص،مسالك الدخول الى الحكاية،3اسئلة تبحث عن اجابات، التباس القصد ،ادرب عيني قبل اصابعي ،بداية جملة السرد ،العتبات الداخلية والتدرج البنائي . كما تضمن الكتاب في صفحاته الاخيرة السيرة الذاتية للروائي والسيرة الذاتية للمؤلف .
وأوضح الناقد محمد جبير في مقدمته التي عنوانها (ما يشبه المدخل) قائلا : لم تعد القراءة ملحقة بالنص لاسيما بعد ان اعلن بارت عن «موت المؤلف» في اشارة إلى ولادة القارئ «مؤلف النص» أو المالك الشرعي الجديد للنص، وهو بهذا «القارئ الموؤل» للنص، فكل قراءة جديدة اكتشاف أو اعادة انتاج لمعنى النص ودلالاته، كما ان الدراسات النصية الحديثة لم تعد تعنى بالتفصيلات ونموها الافقي على سطح النص أو مدى الانسجام والترابط في الحكاية السردية، وانما يذهب إلى ابعد من ذلك في تأؤيل كل مفردة أو جملة واتخاذها وحدة نصية مستقلة قائمة بذاتها في حال انتزاعها من محيطها السردي أو في حال دمجها مع ذلك المحيط لتشكل امتدادا طبيعيا لنصوص اخرى كما انه يمكن لذلك النص المنتزع من بيئته ان يشكل جسرا لنصوص اخرى من خارج النص المحكي ليشكل علائق نصية متقاربة أو متقاطعة مع تلك النصوص محققا التجليات الذاتية للنص في حضوره وتماهيه &في النصوص الاخرى. &
واضاف: في دهشة السرد الموضوع مختلف ، فالكتابة هنا عن نص سردي غرائبي يتجاوز المحلية الى العالمية وضمن مايقرب من ثمانية مقاطع ناقشت النصوص المحيطة بالنص السردي لرواية شبيه الخنزير والتي هي من اهم الروايات العراقية القصيرة التي ظهرت في مطلع هذا القرن
&
شبيه الخنزير
& &فقد استطاع الناقد قراءة رواية 'شبيه الخنزير' الروائي وارد بدر السالم (دار فضاءات، 2009)، بشكل تأملي وفاحص لذلك كان يتابع بدقة احداث الرواية المتصاعدة والمتسارعة ويقف عند الكثير من التفاصيل ويقربها الى الرؤية التأملية ليستخرج منها حيثياتها المترعة بالقلق والخوف اللذين تتنفسهما القرية التي تقع في الاهوار الجنوبية بعد ان مسخ احد مواطنيها الى خنزير لذلك كان الناقد يتابع القراءة ويركز على ما تمنحه الرواية من متعة وإثارة، ويحاول ان يذهب الى فحص النصوص ليضعها باهتمام ويأتي بكل ما تحمله الرواية من نصوص ابداعية ليقرأها من خلال تقسيمها الى مواضيع يضع على عاتقها كل ما فيها من حكايات ومشاعر ويتفحصها جيدا ويقدمها للقاريء بما تمتلك من انثيالات او رموز وتصورات .

متعة القراءة
اما كتاب متعة القراءة فيقع بـ 95 صفحة من الحجم المتوسط ايضا ، ويتضمن عدة موضوعات وهي :ما يشبه المدخل ،دع النص يقول ما يشاء، توقعات القارئ،وجوه الحقيقة ،محفزات جذب القارئ ،استفزاز الذاكرة الخاملة،الاستدراك على ما تقدم والإشكال على ما تأخر ، أنا اختار ، وظائف «لكن» السردية ،استفزاز الذاكرة الخاملة ،ذاكرة الطفولة ،أسئلة النهايات ، سيرة ذاتية للكاتب محمد حياوي والسيرة الذاتية للمؤلف .&
& & &وقد اوضح المؤلف الناقد في مقدمته (اقرب الى المدخل) قائلا : لحظة فرح اسأل نفسي كلما انتهيت من قراءة عمل سردي، &ما هو مقدار الفرح الذي اضافه هذا النص؟ وهو سؤال لا يمكن الاجابة عنه بسرعة لان فيه من الاحساس بمتعة النص حصة &وبه من الانبهار حصة ايضا وبه من الانجذاب او التماهي والاغراءات الشيء الكثير، ولابد من فرز المؤثرات العاطفية والذوقية حتى نحكم على مقدار الفرح الذي يبعثه &النص في روح القارئ ويشعره بالبهجة التي لا يمكن لها ان تقارن &بمباهج الحياة ، اذ انها بهجة تتجدد مع قراءة النص، ودائما ما يبحث القارئ عن مباهجه الصغيرة في سطور نصوص خالدة من خلال موقف او جملة او مشهد او نص كامل.&
واضاف: هذه العودة الى قراءة تلك النصوص لاسيما النصوص العالمية، هي ليست صحوة قرائية وانما شعور بالخيبة والخذلان من النصوص السائدة في دهشة السرد سوق الكتب والتي لا ترقى الى مستوى تجنيسها المثبت على الغلاف الاول، لفقرها الخيالي او الواقعي او التجنيسي، لذلك يهرب &القارئ الفاعل من تشويش هذه النص الى حاضنات قراءاته الجيدة التي تحصن تلوث ذاكرته من الكتابات الهابطة والتي تشعرك بالحزن وخسارة الوقت الضائع.
&
خان الشابندر
وهنا تمكن الناقد من تفكيك الرواية واحداثها من خلال توزيعها الى موضوعات تنطلق من محاولة الروائي اعادة اكتشاف الذات العراقية التي رسمت لها الحرب خطوط وانعكاسات جديدة وقد تعرض المجتمع العراقي الى قسوة توضحت صورها في بشاعة الارهاب الذي ضرب البلد ومن ثم انفلات الأمن لاسيما سنوات الحرب الأهلية التي احرقت الاخضر واليابس ، واستطاع الناقد من خلال قراءاته ان يوضح ما ذهب اليه الروائي في التغيرات التي تعرض لها المجتمع العراقي،كما توقف الناقد عند قصة الحب التي نسجت خيوطها الاحداث، وقد منح الرواية هالات من الضوء اشار فيها الى اهميتها وكونها تستحق القراءة بتأمل .
&