يتّخذ الكاتب الألماني من أصل سوري رفيق شامي من رواياته وسيلة للتعبير عن مأساة وطنه وللتنديد بنظام الأسد.
&
ولد رفيق شامي، وإسمه الحقيقي سهيل فاضل، عام 1946 في دمشق. وإضطر بسبب القمع والرقابة التي كان يفرضها نظام حافظ الأسد، والد الرئيس السوري الحالي، للبحث عن منفى في ألمانيا. ورغم نيله شهادة الدكتوراه في الكيمياء، إلاّ أنه سرعان ما إكتشف ولعه بالأدب. وأصبح، تحت الإسم المستعار رفيق شامي، واحداً من أكثر الأصوات الأدبية شهرة في القارة. وكان قد أصدر مؤخراً روايته "صوفيا، أو بداية كل الحكايات"، والتي يتذكر فيها موطنه سوريا قبل إندلاع الحرب، والعذاب الذي يعاني منه كل الذين إضطروا للفرار من ديارهم.
صحيفة "إلبيريوديكو" الإسبانية إلتقت الكاتب رفيق شامي وتحدثت معه عن رواياته، والحرب الدائرة في سوريا، والسياسة، وأشياء أخرى.
&
يعود بطل روايتك، سلمان، إلى سوريا بعد سنواتٍ في المنفى. هل تحلم بالعودة إلى سوريا في يومٍ ما؟
- سوف يسعدني جداً لو إستطعت العودة، لكنها محفوفة بالمخاطر، وأنا لا أريد أن تتعرّض عائلتي للخطر.
&
هل يمكنك الإتصال بها؟
- نتحدث كل يوم عن طريق الهاتف، ولكن المحادثة يجب أن تقتصر على مسائل شخصية فقط. لا كلمة واحدة عن الحرب، ولا عن النظام، ولا عن الوضع الإقتصادي للبلد. الحديث عن ذلك يمكن أن يعرّض حياتهم للخطر. يمكنني مناقشة ذلك مع أصدقائي في المعارضة، الذين هم أيضاً يعيشون في منفاهم في باريس ولندن. وأنا الآن أقدم العون لثلاث أُسر من خلال إرسال الأموال عن طريق آخرين. وحتى عرضت عليهم بدائل، بأن أدفع ثمن منزلٍ لهم في بيروت كي يكونوا في آمان، إلاّ أنهم يرفضون دائماً. لا يريدون ترك منزلهم، وترك كل تأريخهم خلفهم. مغادرة دمشق بالنسبة لهم تعني الموت ببطء.
&
لنعود إلى روايتك، حيث تتناول فيها موضوعاتٍ قاسية، مثل التجسس على المواطنين، والنخب الفاسدة، ودور الدين، وخضوع المرأة. أهناك بارقة أمل في روايتك من بين الكم الهائل من الأوضاع المأساوية؟
- لا أود رسم لوحة وردية الألوان. أريد أن أنقل من خلال شخصيات كتابي قساوة الحرب، والإضطهاد الذي يمارسه النظام، ولكن من الضروري أيضاً أن نفتح ثغرة نتحدث عبرها عن الجانب النضالي، للذين يمثلون الأمل، أمثال كريم في الرواية.&
&
ألا تبدو متفائلاً جداً حول نهاية الحرب وسقوط نظام الأسد...&
- أنا متشائم، لكن دائماً نحن بحاجة إلى بصيصٍ من الأمل. كان ينبغي على سوريا أن يكون نظامها جمهورياً، وديمقراطياً، لذلك تحتاج إلى مساعدة الإتحاد الأوروبي. آمل أنه في المستقبل، عندما ينتهي كل هذا الدمار الذي خلفته الحرب، أن يساعد ذلك على إدراك الناس للحاجة إلى تغييرٍ جذري للبنى، من أجل البدء بإعادة إعمار البلاد. وللأسف، أن النظام السائد في الدول المجاورة، مثل تركيا، والعراق، وإيران، لا يساهم في القيام بإجراء هذه التغييرات.
&
"نظام الأسد، الأب وإبنه، يرتكز على الفساد، وليس الدين. إشترى، على مرّ السنين، العديد من الكنائس المسيحية" هل تشير هنا إلى التخلص من الديكتاتوريات الأسرية، والإختلاسات...
- وهو كذلك. كون سوريا، والعديد من دول المنطقة، تستند على بنية إجتماعية تقليدية شديدة الصلة بالأسرة، والتي تقف حائلاً دون تحديد هويتنا ضمن هذا المجتمع الضيق. وهذا الأمر يعيننا على فهم السبب في تشديد الحرب على عوامل غاية في القدم: إنخراط المجتمع في مجموعاتٍ أسرية، ولجوئه إلى العنف، حاملاً الكلاشنكوف، من أجل أن يأخذ القانون بيده. أن الحرب تعيدنا إلى الحياة البدائية، وإلى النزاعات القبلية. لم تطبّق أبداً في سوريا الديمقراطية السائدة في أوروبا.
&
على الرغم من ذلك، هل تعتقد أن المساعي التي تبذلها، جنباً إلى جنب مع الفنانين والمثقفين السوريين الآخرين، يمكن أن تساعد في تغيير النظرة حول الحرب أو وصول اللاجئين إلى أوروبا؟
- في إحدى المرّات تكلمت مع سيدة في الدانمارك، قالت لي أن كتبي هي الدليل الوحيد على سوريا. لذا، وبتواضع شديد، أعتقد أن نعم، وأتمنى أن تساعد القصص التي أرويها على إظهار وجه أكثر إنسانية لما يحدث في بلدي.
&
في "صوفيا، أو بداية كل الحكايات" تتحدث أيضاً عن الدين كعنصر من عناصر الهوية الإجتماعية. أسرتك مسيحية، ولكن ذلك لم يكن مشكلة...&
- نظام الأسد، الأب وإبنه، يرتكز على الفساد، وليس الدين. إشترت دمشق، على مرّ السنين، العديد من الكنائس المسيحية في المنطقة، ومنحتهم إمتيازات كي تبقيهم تحت قبضتها، وكي يكونوا أوفياء للنظام. وفعل ذات الشئ مع النخب الإقتصادية، من أجل الإحتفاظ بجماعاتٍ موالية له، بينما تقف هناك في أعلى الهرم الإجتماعي الشرطة السرية.&

ولكن، خلافاً لبلدانٍ أخرى في المنطقة، بدت سورياً دائماً أكثر إنفتاحاً.
- كانت هناك مظاهر للحرية، لكن دائماً كان من ينتقد مطارداً بصورة سرية. &من الناحية الشكلية لا يبدو الأسد بربرياً كما كان صدام حسين في العراق، أنه أكثر أناقة وإنفتاحاً. ودمشق تعرف جيداً كيف تستخدم الأساليب الهادئة لتصفية المعارضة دون الحاجة إلى تنفيذ الإعدام علناً على عوائل بأكملها.
&
بصفتك من المنفيين في ألمانيا، هل تتفق مع ميركل في فتح الحدود أمام اللاجئين؟
- كان ردها أمام اللاجئين صحيحاً، ولكن سرعة قبولهم حكم عليها بالبقاء وحيدة. وأما أوروبا، من جانبها، لعبت دور المتفرج. أن عدد الذين وصلوا إلى القارة من اللاجئين مثير للضحك إذا ما قورن بالأرقام التي إضطرت دول الجوار لإستقبالها، مثل الأردن، ولبنان، وتركيا.
&