&الحيرة غلّفتني في بداية قراءتي لهذه الرواية. لأن الكاتب حمّور زيادة بدأها من نهايتها. أحداثها مترابطة، ولكن يصعب على القارىء في البداية تفهمها. ولكن وبعد الكثير من ترددي بين أن أضع الكتاب جانبا أم أستمر في القراءة.. وارتباكي من عدم فهمي للشخصيات، فتحت عيني بعد ما ’يقارب مئة صفحة على صفحات من النور الأدبي صفحات من المعاني الضمنية للأحداث وللحكم المستقاة سواء بوضوع أم بما ترمز إليه. في لغة أشتاق إليها كلما عصفت بي رياح الغربه. غزارة الأحداث وبراعة حبكها وجمال اللغة، جعلتني أعجز عن رمي القصة.. معاني وحكم مخفية من خلال الصفحات توهتني، ما بين التمتع في القراءة الأدبية وفي التوقف لإستنباط الفلسفات العميقة التي أريد الغوص في معانيها وفي أهداف الكاتب من كتابتها..

ماذا كان هدف الكاتب من الرواية. هل هو مجرد سرد لقصة حب مستحيله بين عاشق صوفي وبين راهبه مسيحية. كلاهما مؤمن ولا يستطيع الخروج عن إيمانه.. ولا يستطيع الخروج من الدين الذي ولد فيه؟؟ هل كان يسعى لتسليط الضوء على الحب الذي نما بين قلبيهما حتى مع معرفتهما بأنه بلا أمل؟؟ أم لتسليط الضوء على وجود مثل هذه العلاقات الصادقة بغض النظر عن الفروقات الشاسعة بين أصحابها؟؟ هل كان يسعى لتسليط الضوء معاني عن الذات الإلهية بمعانى قد تختلف من دين لآخر ولكنها كلها تتشارك بأنه إله واحد؟؟؟؟؟؟&
في تلازم وثيق يأخذنا الكاتب ليربط ما بين أحداث تاريخية هامة حصلت في القرن التاسع عشر في تاريخ تكوين الدولة السودانية. ثورة الدراويش عام 1844 للخروج من القبضة العثمانية. والنتيجة الفاشلة لحكم هذه الثورة التي ’بنيت على الأركان الدينية، التي جاءت بها الثورة المهدية وإدّعى قائدها بأنه المهدي المنتظر الذي جاء بالعدل والسلام بدلآ من الكفار الذين ملؤها ظلما وجورا؟؟؟؟؟ لاأدري أي كفار يقصد؟؟ لأن من كان يحكمها هم أتراك مسلمون متعاونين مع مصريين مسلمين أيضا.. والدولة العثمانية كانت دولة الخلافة التي يتوق لتأسيسها الكثير من الأحزاب الدينية الآن؟؟&
وقصة حب ما بين إنسان أسود مسلم صوفي لإمرأة مصرية مسيحية ولدت في الإسكندرية من أصول يونانية جاءت تبشر بدينها مع بعثة للمبشرين في أول بلد أفريقي تطؤه قدماها. بعد مدة من التعرف على جمال البلد وطيبة أهله نسيت الغربه مما يجعلنا نتساءل هل الغربة هي تغيير أرض وتغيير بيت. أم أن الغربة هي الإبتعاد عن الأحبة والإنتقال من المألوف لمجهول نخاف منه سواء في الدينا أم في الآخرة؟؟؟ تألف حواء الحياة الجديدة خاصة بعد التعرف على أحبه وأصدقاء جدد.. ولكنها تبقى تحمل من وطنها الأصلي خطيئة صغيرة واحدة لم يكن لها يد فيها، خطيئة الاستمتاع بقبلة واحدة مرة واحدة في حياتها؟؟؟&
القصة تمزج ما بين الأحداث التاريخية ورحلة إنتقام طويلة للعبد ممن حرموه من حبيبته.&
لفت نظري أنه وبينما يربط الكاتب السرد السياسي التاريخي.. وقصة الحب. لايغفل إطلاقا عن تبيين أثر الدين في تسيير الحياة؟؟ من خلال التفسيرات التي يربطها الإنسان المسلم البسيط عن الإنسان المخالف سواء في العقيدة، أم المختلف في حاجاته الجنسية وعن الأحكام التي يصدروها على كل مخالف بغض النظر عن معاملته السمحه أو فكره.. وعن الترابط الوثيق بين الدين بالحياة وبما نتخذه من قرارات مصيرية تعلو على كل رغبة في الحياة وقد تصل للتضحية باعز ما نحب ومن حياة في سبيل الوصول إليها. وكأن ثقتنا بالآخره أكبر من ثقتنا بالدنيا. كالرجل الذي ترك زوجته حبيبته للإلتحاق بالجهاد؟؟؟ ومن أين تأتي الجواري والإماء؟؟؟ و بدم بارد ماهو عقاب الأمة التي تحاول الفرار من العبودية؟؟؟؟&
عزيزي القارىء. انا لا أريد تقييم الرواية فهو أمر متروك لك لقراءتها وللحكم الشخصي عليها. ولكني أقول وبمنتهى الثقة بأنها رواية رائعة تستحق الوقت لأنك تخرج منها ثري باللغة وبالمعلومات وتزداد إيمانا بأن الحب والمحبة هما الحياة، وهما المستقبل والدواء لكل الأمراض.
&